responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي المؤلف : الجندي، علي    الجزء : 1  صفحة : 426
عطاشًا تريد الماء، فانساب نحوها ... على أنه منها إلى دمها أظما496
فأمهلها حتى تروت عطاشها ... فأرسل فيها من كنانته سهما497
فخرت نحوص، ذات جحش، سمينة ... قد اكتنزت لحمًا، وقد طبقت شحما498
فيا بشره إذ جرها نحو أهله ... ويا بشرهم لما رأوا كلمها يدمى499
فباتوا كرامًا قد قضوا حق ضيفهم ... ولم يغرموا غرما، وقد غنموا غنما500
وبات أبوهم من بشاشته أبًا ... لضيفهم، والأم من بشرها أما501
وهذه الأبيات تصور ما كان يعانيه الجاهليون سكان الصحراء من فقر وبؤس وجوع، وما كانوا يتمسكون به -مع هذا- من التفاني الشديد في إكرام الضيف مهما كانت حالتهم، ففي القيام بهذا الواجب سعادة كبيرة وسرور عظيم.
ولهذا كانوا يلبون نداء المكروب، ويحسنون استقبال النازلين، وبخاصة من كان في حاجة إلى رعاية وعناية، كمن يضل في الصحراء، أو تسوء ظروفه وأحواله، ومن أحسن ما ورد في ذلك قول عمرو بن الأهتم في رجل ضل الطريق ليلًا502:
ومستنبح بعد الهدو دعوته ... وقد حان من نجم الشتاء خفوق503
يعالج عرنينًا من الليل باردًا ... تلف رياح ثوبه، ويروق504

496 انساب: سار إليها بهدوء على أطراف أصابعه، من غير أن يحدث صوتًا. أظما: أشد ظمأ، وكان القطيع يسير إلى الماء، ليرتوي، فسار الرجل إليه، وهو أشد ظمأ إلى دمائه، متلهفًا على اقتناص شيء منه.
497 تروت: ارتوت. الكنانة: جعبة السهام التي توضع فيها. انتظر الرجل حتى شربت الحمر، ثم أطلق من كنانته على واحد منها سهمًا.
498 خرت: سقطت. النحوص: الأتان الوحشية. اكتنزت: امتلأت. طبقت شحمًا: أي امتلأت بالشحم.
499 فيا بشره: فما أعظم سروره. كلمها: جرحها. يدمى: يسيل دمه.
500 وباتوا سعداء بما قاموا به من واجب الضيافة، وما خسروا في ذلك شيئًا. وإنما كسبوا ثناء الضيف العاطر.
501 وقد شعر الضيف بأنه بين أبويه يمنحانه العطف. ويغدقان عليه حسن المعاملة ويبشان له، ويهشان في وجهه.
502 المفضليات ص126.
503 المستنبح: الرجل الذي يضل الطريق ليلًا فينبح لتجيبه الكلاب إن كانت قريبًا منه، فإذا أجابته تبع أصواتها، فأتى الحي، فنزل عندهم ضيفًا. النجم"هنا": الثريا، وذلك لأنها تخفق للغروب في جوف الليل.
504 العرنين: الأنف، والمراد به هنا أول الليل. وبروق: أي كان البرق يلمع بكثرة.
اسم الکتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي المؤلف : الجندي، علي    الجزء : 1  صفحة : 426
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست