responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي المؤلف : الجندي، علي    الجزء : 1  صفحة : 373
ويظهر واضحا من شعر الفخر أن العربي في الجاهلية كان يحب أن يظهر نفسه بمظهر التفوق التام على الآخرين، وأن يشاع عنه أنه أعلى شأنًا من غيره في كل شيء، ويتضح من فخرهم أن الميل إلى الإعجاب الشديد بالنفس كان متسلطًا على العرب في الجاهلية لدرجة عظيمة، حتى إن الشاعر في بعض الأحيان كان يفخر بتفوق فرعه على بقية فروع قبيلته الآخرين، فيدعي أنه نال من الأمجاد والبطولة والفوز ما لم يستطع الآخرون أن يصلوا إليه، وأظهر مثل لذلك، قول عمرو بن كلثوم.
وكنا الأيمنين إذا التقينا ... وكان الأيسرين بنو أبينا
فصالوا صولة فيمن يليهم ... وصلنا صولة فيمن يلينا
فآبوا بالنهاب وبالسبايا ... وأبنا بالملوك مصفدينا
فقومه هم الأيمنون، في حين أن بقية عشيرته في غير فرعه كانوا أهل الشمال وبينما رجع هؤلاء من الحرب بالنهاب والسبايا، عاد قومه وقد أسروا ملوك الأعداء ورؤساءهم، وقد صفدوهم بالقيود والأغلال.
وفي الفخر نرى أن ما قيل في الناحية القبلية يكاد يكون ثلاثة أضعاف ما قيل في الناحية الشخصية. وهذا معناه أن العصبية القومية كانت سائدة في ذلك الحين، حتى استولت على نفوس الشعراء، وسيطرت إلى حد كبير على مشاعرهم، فكان فيها معظم إنتاجهم.
ولكن هذا يدلنا من ناحية أخرى على أن الشاعر -في وسط هذا الشعور الجماعي المتسلط- ما كان لينسى نفسه: كفرد قائم بذاته، وكشاعر له إحساسه الخاص، فكان يتحدث عن نفسه، ويفتخر بشخصيته، وبطولته، وقوته، في حرية تامة، وكيفما شاء.

الهجاء والوعيد والإنذار:
كان الهجاء على عكس الفخر، يعددون فيه عيوب الخصوم والأعداء، فيذكرون ما في تاريخهم من مخازٍ، وما نزل بهم من هزائم، وما حل بهم من خسائر أو عار، ويرمونهم بأقبح العادات، وذميم الصفات، وكثيرًا ما كان يتخلل هجاءهم وعيد وتهديد، وقد كان الهجاء يوجه إلى الأعداء في معرض الفخر، أو في ثنايا المدح؛ لأن في تحقير الأعداء والحطة من شأنهم رفعة للمفتخر أو للممدوح. وكان من أبرز ما هجا به الشعراء في العصر الجاهلي:

اسم الکتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي المؤلف : الجندي، علي    الجزء : 1  صفحة : 373
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست