اسم الکتاب : في النقد الأدبي المؤلف : علي علي صبح الجزء : 1 صفحة : 67
الباب الثالث: عمود الشعر والموازنات الأدبية الفصل الأول: رأي الآمدي في سرقات أبي تمام والبحتري
...
الباب الثالث: عمود الشعر والموازنات الأدبية:
الفصل الأول: الآمدي في سرقات الشاعرين:
أوردنا في الفصل السابق موجزًا من سرقات الشاعرين في نظر الآمدي الناقد. ولنا أن نسأل صاحب الموازنة.
أليست القاعدة في نقد السرقات الأدبية أن الشاعر إذا سرق معنى من آخر فأدَّاه بأبلغ من المسروق منه انفرد الأخير بالفضل. ولم يكن ذلك عيبًا عليه. وكان صاحب الزيادة مثله في الفضل إن لم يكن أفضل منه.
وإذا سلم لنا الآمدي بتلك وهو الواجب عليه. لأنها قاعدة في ذلك الفن. فأي شرف احتجز أبو تمام به وأقام الدليل عليه فيما أوردناه؟ أهو البيت الذي وصفه الآمدي نفسه بأنه أحسن ابتداءات أبو تمام؟
السيف أصدق أنباء من الكتب ... البيت
لم هو بيت الرثاء: توفيت الآمال بعد محمد ... البيت؟
أم هو البيت والذي وصفه المدعى بالسرقة لأنه الأحسن وأن الشاعرقد جاء فيه بالزيادة، قد ينعم الله بالبلوى وأن عظمت؟ البيت أم هو الآخر الذي أحسن الطائي في لفظه وأجاد في معناه:
باعتراف الآمدي وفيه يقول الشاعر:
نعود بسط الكف حتى لو أنه ... دعاه لقبض لم تجبه أنامله
ألم هو البيت الذي لا يجحد فضله إلا مكابر؟ وفيه يقول الطائي:
لا تنكري عطل الكريم من الغني ... فالسيل حرب للمكان العالي
قد يتوجب الاتصاف علينا أن نقول: إن الآمدي ينظر إلى الشاعرين في مساوتهما ومزاياهما معًا بعين تختلف، وهو بعد ذلك يقول:
"وأذكر طرفًا من سرقات أبي تمام -وإحالاته - وغلطه - وساقط شعره" فإذا ما التفت إلى البحتري هشّ له وقال:
- أما مساوئ البحتري - من غير السرقات فقد دققت واجتهدت أن أظفر له بشيء يكون بإزاء ما أخرجته من مساوئ أبي تمام في سائر الأنواع التي ذكرتها فلم أجد في شعره، لشدة تحرزه وجودة طبعه.
وتهذيب ألفاظه - من ذلك ما أرى إلا أبياتًا يسيرة".
اسم الکتاب : في النقد الأدبي المؤلف : علي علي صبح الجزء : 1 صفحة : 67