responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في الأدب الحديث المؤلف : الدسوقي، عمر    الجزء : 1  صفحة : 152
وهذا من الشعر التعليميّ الذي لا ينبيء عن خيال عميق؛ لأن الحكمة نظم للحقائق المجردة، والحقيقة المجردة منتزعة من صميم الوجود، وقائل الحكمة السائرة عالم بطباع الناس, يضع العالم أمام ناظريه, ويشرف عليه من علٍ، وكأنه ينظر في كفه فيستقري الحوادث والطباع، ثم ينطق بالحكمة تصلح لكل زمان ومكان، من أمثال ما نظم المتنبي وغيره من فحول الشعراء، وأين منهم عبد الله فكري في مواعظه المدرسية هذه؟ على أنها تعد من خير شعره وأسلسه وأوضحه.
ومن شعره، وربما كان فيه من الشاعرية، لصراحته وتصويره نفسية امرأة فرنجية تتجر بعرضها, وتتهافت على المال، وما حدث له معها:
وهيفاء من آل الفرنج حجابها ... على طالبي معروفها في الهوى سهل
تعلقها، لا في هواها مراقب ... يخاف ولا فيها على عاشق بخل
إذا أبصرت من ضرب باريز قطعة ... من الأصفر الإبريز زل بها النعل
فلما تعرضنا الحديث تعرضت ... لوصل ومن أمثالها يطلب الوصل
فرحت بها في حيث لا عين عائن ... ترانا، ولا بعل هناك ولا أصل
وبت ولي سكران من خمر لحظها ... وراح ثناياها، ومن خدها نقل
وقمت ولم أعلم بما تحت ثوبها ... وإن كان شيطاني له بيننا دخل
ومن خير شعره قوله:
أنسيت ليلتنا وقد خلص الهوى ... منا، وحبل الوصل وهو متين
بتنا على فرش العفاف وبيننا ... نجوى ترق لها الصفا وتلين
ومن أحسن شعره قصيدته التي يعتذر فيها للخديو توفيق، ويتنصل من اشتراكه في الثورة، ويطلب إرجاع راتبه المقطوع، وإن كانت معانيها مما يخطر لكل شاعر وليس فيها جديد، وهي تنبيء عن تلك الروح الذليلة التي تمثلت في كبار رجال الدولة إبّان عصور الظلم:
كتابي توجه وجهة الساحة الكبرى ... وكبر إذا وافيت واجتنب الكبرا
وقف خاضعًا واستوهب الإذن والتمس ... قبولًا وقبل سدة الباب لي عشرا

اسم الکتاب : في الأدب الحديث المؤلف : الدسوقي، عمر    الجزء : 1  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست