اسم الکتاب : فنون التحرير الصحفي بين النظرية والتطبيق المقال الصحفي المؤلف : محمود أدهم الجزء : 1 صفحة : 19
وتشتت شمل الجماعات وتبدد أوصال الصداقات وتقطع ما بين الرجل والمرأة من صلات الود والمحبة وتغرس بذور النفور والبغض".
3- ولعلنا نجد صورة أخرى من صور هذه الجذور المصرية القديمة ممثلة في تلك الكلمات التي كان كثير من "علية القوم" في مصر القديمة ينقشونها على شواهد قبورهم -كما فعل عرب جنوب شبه الجزيرة بعد ذلك- وحيث كان بعضها إخباري الطابع، والآخر يمت بصلة نسب قديمة جدا إلى الأحاديث الصحفية.. وبعضها الثالث والذي نحن بصدده، يمت بمثل هذه الصلة، ولكن إلى مقال "الاعترافات" من جانب، وإلى "الترجمة الشخصية" من جانب آخر.
وقد أشار إلى ذلك أحد الأساتذة حين قال: "لعل أقدم صورة للترجمة الشخصية تلك الكلمات التي كان ينقشها القدماء على شواهد قبورهم، فيعرفون بأنفسهم، وقد يذكرون بعض أعمالهم، واشتهر المصريون في عصور الفراعنة بكثرة ما نقشوا على قبورهم وأهراماتهم وفي معابدهم وهياكلهم من تواريخهم وأفعالهم"[1] وحيث نذكر هنا أمثلة قليلة لهذه الجذور المقالية الكثيرة جدا:
- بعض ما جاء في "متون الأهرام" عن حياة الملك.
- ما تركه أحد حكام المقاطعات ممن عاشوا في القرن السابع والعشرين ق. م، حيث كتب على قبره عن حياته: "لقد أعطيت خبزا لكل الجائعين في جبل الثعبان -ضيعته- وكسوت كل من كان عريانا فيها، وملأت الشواطئ بالماشية الكبيرة وأراضيها المنخفضة بالماشية الصغيرة، وأشبعت كل ذئاب الجبل وطيور السماء بلحوم الحيوان الصغير.. ولم أظلم أحدا قط في ممتلكاته حتى يدعوه ذلك إلى أن يشكو بي.. إلخ"[2].
- ومن أبرز هذه الجذور ما كتب على مقبرة "حرخوف"، الرحالة المعروف -من القرن السادس والعشرين ق. م- والذي نقش على واجهة مقبرته بأسوان قصة حياته المليئة بالمخاطرات، والتي يهدد فيها من يحاول سرقة هذه المقبرة قائلا: "ولقد أعطيت خبزا للفقير وملابس للعريان وعديت من لا قارب له، وأنتم أيها [1] شوقي ضيف: "الترجمة الشخصية" ص7. [2] ج. هـ. برستيد - ترجمة سليم حسن: "فجر الضمير" ص137.
اسم الکتاب : فنون التحرير الصحفي بين النظرية والتطبيق المقال الصحفي المؤلف : محمود أدهم الجزء : 1 صفحة : 19