اسم الکتاب : فنون التحرير الصحفي بين النظرية والتطبيق المقال الصحفي المؤلف : محمود أدهم الجزء : 1 صفحة : 142
من هنا ينبغي أن يكون قريبا جدا منهم، لصيقا بهم، يعرف ما الذي فيه يفكرون؟ ومنه يخشون وعليه يحرصون وبه يحلمون وله يعملون؛ لأن ذلك كله هو مجال عناية قلمه، ومضمون فكره أي: إن حسه الاجتماعي، وإحساسه بمشكلات الناس وآمالهم، يجب أن يكون دائما في أقصى درجات عمله وتوقده.
3- كذلك؛ ولأن أعمدته ينبغي أن تكون خصبة، ثرية، وحافلة بمختلف ألوان الأفكار والآراء بل والأخبار الهامة، والطريفة والنادرة؛ ولأن مشكلات الناس -كما ورد في الفقرة السابقة- لن تحل إلا على يد المسئولين من الناس أنفسهم؛ ولأن عموده يعتبر بمثابة "صالون" على الورق يحضره المهمون من الناس والنجوم والمشاهير، من أجل ذلك كله فإن على محرره أن تكون له صلاته الكبيرة، والعديدة، والوثيقة، والمتشعبة بكل هؤلاء، بالذي يقدمه، أو يعرض فكره، أو كتابه، أو يطرح رأيه، وبالذي يطلب رأيه في مشكلة تعن لقارئ، أو مشاركته من أجل دفع غبن على قارئ ثان، أو تحقيق حلم لقارئ ثالث وهكذا، إن كاتب العمود هو صديق الجميع يحدثهم ويحادثونه في كل شيء.
4- ولن يستطيع محرر أن يفعل ذلك كله، وأن يقدم جوهر هذه العلاقات وزبدتها في صورة إبداعية قلمية هي هنا "العمود الصحفي"، ولن يستطيع أن يحصل على ثقة القراء، وصداقة هؤلاء الناس إلا إذا كان هو نفسه على شاكلتهم، أو في أسلوب آخر كان هو نفسه نجما في مجتمعه، معروفا بأفكاره وآرائه وخواطره التي يقبل عليها القراء، وقد ينتقلون خلفه استمرارا لصلتهم القوية به، وبما يكتب، من صحيفة لأخرى ومن مجلة لمجلة.
إن بابه مفتوح دائما لاستقبال القراء، والأصدقاء، والمشاهير، تماما كما أن ذهنه وفكره وكل موهبته في حالة عمل دائم ودائب، بما تفرضه هذه "الشهرة" من ضريبة، تؤثر إيجابا على عموده الصحفي نفسه، وفي ذلك يقول البعض بأهمية أن يكون محرر العمود من بين المعروفين والمشاهير في مجالات الأدب أو الفن قبل كتابة عموده، ونضيف هنا، ولماذا لا يكون مشهورا عن طريق كتابته الصحفية؟ أو ينال الشهرة عن طريق عموده الصحفي نفسه؟ علما بأنه يشبه هنا كاتب "مقال اليوميات".
5- ولكن لا ثقافته ولا قراءاته، ولا علاقاته الاجتماعية، ولا صداقته مع الجميع، مما يمكن أن يفيده في شيء، أو يمثل نهجا إيجابيا في سلوكياته، ما لم يكن قادرا
اسم الکتاب : فنون التحرير الصحفي بين النظرية والتطبيق المقال الصحفي المؤلف : محمود أدهم الجزء : 1 صفحة : 142