اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 32
يكون أساساً لدراسات أكثر عمقاً وأظهر ترتيباً. وعقدة العقد في السير؟ أو في أكثرها؟ هي مسألة الأخطاء والعيوب، فهذه أمور كثيراً ما يتحاشاها الكاتب، أو يعتذر عنها إذا اضطر إلى ذكرها، ويفتن بعض الكتاب في التبرير والاعتذار. وهنا موطن يجب أن ينتبه له الدارسون حين يتناولون هذه السير، ويتخذونها أساساً لفهم أحد العصور أو إحدى الشخصيات، فأكثرها قائم على ميل من كاتب السيرة نحو صاحبها وعلى ولاء له وهذا شيء لا نعفي منه رجلاً نزيهاً مثل القاضي بهاء الدين بن شداد في سيرة صلاح الدين، فإنه يقول في الحديث عن وفاة صلاح الدين: " وبالله لقد كنت أسمع من بعض الناس أنهم يتمنون فداءه بنفوسهم، وما سمعت هذا الحديث إلا على ضرب من التجوز والترخص، إلا في ذلك اليوم فإني علمت من نفسي ومن غيري أنه لو قبل الفداء لفدي بالنفس " [1] ، ولست أتهم القاضي بهاء الدين بالتحيز ولكن هذا الولاء الشديد يجب أن يقابل بالحذر الشديد. على أن في شخصية صلاح الدين، رحمه الله، ما يبرر شدة هذا الولاء. فأما مع الكثيرين غيره فإن هذا الولاء مدخول مصطنع. استمع إلى النسوي وهو ساذج صادق يروي كسف أن السلطان جلال الدين منكبرتي فر أمام الترتر ووقف بقرب آمد ثم يقول: " وشرب تلك الليلة فسكر فناله من سكرة خماره دوار الرأس وقطع الأنفاس، فلا صحو إلا إذا نفخ في الصور، وبعثر ما في [1] المحاسن اليوسفية: 250.
اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 32