اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 30
بالمنافسة بين مصر والعراق، فتعصب لكل ما هو مصري، وبث الثقة في نفوس أناس عاشوا على التبعية السياسية والأدبية مدة طويلة من الزمن، ولكن لو أسقطنا كل ذلك من حسابنا لظل من شخصية ابن طولون ما يدفع لكتابة سيرته. وتفسير ذلك فيما أراه أن ابن طولون يمثل؟ إلى جانب طموح مصر السياسي حينئذٍ، شخصية الشاب الأمين الفقير الأصل، الذكي الذي تتوازى هذه الأخلاق فيه مع إقبال السعد، وكل ذلك قائم على مبادئ من الزهد، لأن ابن طولون كان في شبابه مرابطاً في أحد الثغور. هذه الشخصية التي لا يصدمها القدر ولا تحاول هي أن تثور عليه محببة إلى نفوس الشرقيين، وإذا أدركنا هذا الميل العميق في تلك النفوس، عرفنا لمَ لم يترعرع في تلك البيئة شخصيات تراجيدية بالمعنى الدقيق. وظلت كتابة السيرة تجذب إليها اهتمام المسلمين، وتقف عوضاً عن القصة والمسرحية في حياتهم الأدبية والتاريخية معاً. لقد ثار العباس ابن أحمد بن طولون على أبيه، وكانت هذه الحادثة منغصاً له في نهاية حياته، ولو أن الولد انتصر في ثورته تلك لأدخل المؤرخون ذلك في باب الحوادث، ولم يفيضوا في إفاضة السير، أما انتصار الأب فإنه يستحق التسجيل، وتجمع له الوثائق من رسائل ووصايا وما إلى ذلك لأنه أمر يصير العبرة، وهي أجل عندهم من الأثر التراجيدي الخالص.
وفي السيرة التاريخية التي تدور حول الحكام ورجال السياسة
اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 30