responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غرر الخصائص الواضحة المؤلف : الوطواط    الجزء : 1  صفحة : 464
وحكى إن أبا زبيد الطائي واسمه حرملة بن المنذر دخل على عثمان بن عفان فلامه على فراره من الأسد لما عرف من شجاعته فقال يا أمير المؤمنين لا تلمني لقد رأيت منه منظراً وشهدت مخبراً لا يزال ذكره يتجدد في قلبي وشخصه يتمثل في عيني خرجنا نريد الحرث بن شمر الغساني ملك الشأم فاصابنا قيظ ذبلت منه الشفاه وعصبت الأفواه فانحزنا إلى واد أشجاره مغنة وأطياره مرنة فحططنا رحالنا ثم أخذنا نصف حر يومنا ونذكر مطاولته ومماطلته فبينما نحن كذلك إذ صوب أقصى الخيل أذنيه وفحص الأرض بيديه ثم ما لبث أن جال محمحماً ومال مهمهماً فتضعضعت الخيل وتكعكعت الإبل وتقهقرت البغال فمن نافر بشكاله وناهض بعقاله فحدقنا أبصارنا وإذا سبع قد أقبل يتطاول في مشيئته كإنه محبوب وينظر بعينين كأنهما جمر مشبوب له خطيط ولصدره نحيط ولبلاعيمه غطيط ولطرفه وميض ولارساغه نقيض كأنه يخط هشيماً ويطأ صريماً ذو هامة كالمجن وخد كالمسن وساعد مجدول وعضد مفتول وكف شثنة البراثن ومخالب كالمحاجن فضرب بذنبه الأرض فأرهج وكشر فأفرج عن أنياب كالمعاول مصقولة غير مفلولة في فم أشدق كالغار الأخرق ثم تمطى فأشرع بيديه وحفز وركيه برجليه فصار ظله مثليه ثم أقعى فاقشعر ثم مثل فاكفهر وزأر فجرجر ثم لحظ فرؤى السماء عرشه فخلت البرق يتطاير من تحت جفونه عن شماله وجمحت العيون وانحزت المتون ولحقت الظهور بالبطون وساءت الظنون ثم أنشد
عبوس شموس مصلخد خنابس ... جرئ على الأرواح للقرن قاهر
منيع ويحمي كل واد يرومه ... شديد أصول الماضغين مكابر
براثنه شثن وعيناه في الدجى ... كجمر الغضا في وجهه الشرّ طائر
يذل بأنياب حداد كأنها ... إذا قلص الأشداق منها خناجر
فقال له عثمان اكفف لا أم لك لقد أرعبت قلوب المسلمين ولقد وصفته حتى كأني أنظر إليه يريد مواثبتي وكان أبو زبيد هذا نصرانياً ومات ولم يسلم وقد ذكر علما الرواة لأخبار العرب وأشعارها هذه الحكاية بأطول مما أثبتناه لكنا استغنينا باليسير منها عن الكثير لدلالته على الغرض المقصود في ذكره للأسد

اسم الکتاب : غرر الخصائص الواضحة المؤلف : الوطواط    الجزء : 1  صفحة : 464
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست