أسرّ وفاء ثم أظهر غدرة ... فمن لي بعذر يوسع الناس ظاهره
المشاورة والرأي
حدّثنا الزّياديّ قال: حدثنا حماد بن زيد عن هشام عن الحسن قال:
«كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يستشير حتى المرأة فتشير عليه بالشيء فيأخذ به» .
وقرأت في التاج أن بعض ملوك العجم استشار وزراءه، فقال أحدهم:
«لا ينبغي للملك أن يستشير منا أحدا إلا خاليا به، فإنه أموت للسر وأحزم للرأي وأجدر بالسلامة وأعفى لبعضنا من غائلة بعض، فإن إفشاء السرّ إلى رجل واحد أوثق من إفشائه إلى آثنين، وإفشاءه إلى ثلاث كإفشائه إلى العامّة لأن الواحد رهن بما أفشي إليه والثاني يطلق عنه ذلك الرهن والثالث علاوة فيه، وإذا كان سر الرجل عند واحد كان أحرى ألا يظهره رهبة منه ورغبة إليه، وإذا كان عند اثنين دخلت على الملك الشبهة واتسعت على الرجلين المعاريض، فإن عاقبهما عاقب اثنين بذنب واحد، وإن اتهمهما اتهم بريئا بجناية مجرم، وإن عفا عنهما كان العفو عن أحدهما ولا ذنب له عن الآخر ولا حجة معه» .
وقرأت في كتاب للهند أن ملكا استشار وزراء له، فقال أحدهم:
«الملك الحازم يزداد برأي الوزراء الحزمة كما يزداد البحر بموادّه من الأنهار، وينال بالحزم والرأي ما لا يناله بالقوّة والجنود، وللأسرار منازل: منها ما يدخل الرهط فيه، ومنها ما يستعان فيه بقوم، ومنها ما يستغنى فيه بواحد. وفي تحصين السر الظّفر بالحاجة والسلامة من الخلل. والمستشير وإن كان أفضل رأيا من المشير، فإنه يزداد برأيه رأيا كما تزداد النار بالسّليط ضوءا. وإذا كان