responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال المؤلف : حسين بن محمد المهدي    الجزء : 1  صفحة : 595
وقال الحليمي في معنى العفو: انه الواضع عن عباده تبعة خطاياهم وآثامهم، فلا يستوفيها منهم، وذلك إذا تابوا واستغفروا أو تركوا لوجهه أعظم مما فعلوا ليكفر عنهم ما فعلو بما تركوا، أو بشفاعة من يشفع لهم، أو يجعل ذلك كرامة لذي حرمة لهم به وجزاء.
وقيل: العفو في حق الله تعالى: عبارة عن إزالة أثار الذنوب بالكلية، فيمحوها من ديوان الكرام الكاتبين، ولا يطالب العباد بها يوم القيامة، وينسيها من قلوبهم كي لا يخجلوا عند تذكرها، ويثبت مكان كل سيئة حسنه، قال تعالى: {يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [1] ، وقال: {فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [2] .
والعفو أبلغ من المغفرة، لأن الغفران يشعر بالستر، والعفو يشعر بالمحو، والمحو أبلغ من الستر. والعفُوُّ هو الله سبحانه الذي يعطي الكثير، ويهب الفضل، ولا يعتب عليه المنعم البتة [3] .

ثمرة التعرف على اسم الله العفوُ
العاقل إذا عرف أن ربه عفو يصفح عن الذنب ويقبل التوبة ويعفو عن السيئات، وجب عليه أن يؤمن به ويتقرب إليه ويسأله العفو عن جميع الذنوب والآثام، فالله جل وعلا هو العفو، يعفو عمن يشاء، ويغفر لمن تاب وأناب، ويشمل الخلق جميعاً بعفوه إلا من أشرك وكفر بربه ومات على ذلك أعاذنا الله والمسلمين من ذلك, قال تعالى {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} [4] ، وقال جل شأنه {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ} [5] ، ثم انه يجب على من عرف أن ربه عفو كريم أن يستعمل العفو ويتخلق به حيى يدخل في مدح الله للعافين الذين أثنى الله عليهم بقوله: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [6] .
وفي الحديث النبوي أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: (مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُءُوسِ الْخَلائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ) [7] ، والعاقل يسعى إلى تحصيل سبب العفو من الله بترك الذنوب والاستغفار وطلب العفو من الله جل وعلا.
ولله در القائل:
يَستَوجِبُ العَفوَ الفَتى إذا اعتَرف ... وتابَ ممَّا قَد جَناهُ واقتَرَف
لقَولِهِ قُل لِلَّذينَ كفَرُوا ... إن يَنتَهوا يُغفَر لهم ما قَد سَلَف (8)

أما الحسن بن هانئ المعروف بابي نواس فهو يقول في طلب العفو من الله:

[1] - سورة الرعد (39) .
[2] - سورة الفرقان (70) .
[3] - شرح لأسماء الله الحسنى للرازي ص (325-326) ، والجامع لأسماء الله الحسنى ص (204) .
[4] - سورة النساء (48) .
[5] - سورة الأنفال (38) .
[6] - سورة آل عمران (134) .
[7] - سنن أبي داود باب من كظم غيظا حديث (4777) .
(8) - أورد هذين البيتين صاحب الموسوعة الشعرية ونسبهما إلى ابن غلبون الصوري، ورويت لأبي سعيد الزبيري انظر الموسوعة الشعرية ص (242) ويتيمة الدهر للثعالبي ج (1) ص (316) والجامع لأحكام الله للقرطبي ج (7) ص (225) .
اسم الکتاب : صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال المؤلف : حسين بن محمد المهدي    الجزء : 1  صفحة : 595
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست