اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي الجزء : 1 صفحة : 296
ولما استوطن العرب الكوفة والبصرة ظهر في تخطيطها غلبة عرب الشمال على عرب الجنوب، مما كان له أكبر الأثر في كثرة الشعر على ألسنة الفاتحين، حتى ليخيل إلى الدارس أن الفاتحين جميعًا كانوا شعراء دون استثناء؛ إذ أصبح الشعر أو كاد يكون حظًّا مشتركًا بين جميع الفاتحين. فشكل شعر الفتح في الميدان الشرقي كثرة شعر الفتوح، ثم راح يسجل أحداث الفتوح وسيره خطوة خطوة، فلم يغادر معركة، ولم يترك صدامًا، ولم يقصر عن تسجيل حوادث الفتح جميعها، تصويرًا شاملًا ودقيقًا، حتى ليمثل وثيقة تاريخية واجتماعية خطيرة في هذا الميدان.
والأمر يختلف في الشام، فلواء خالد بن سعيد كانت كثرته من قبائل العرب الضاربة في تخوم الشام؛ كقضاعة، وكلب، وجهينة، وعذرة. وعندما استأذن في لقاء الروم راح أبو بكر يستنفر أهل اليمن فأجاب دعوته وجوه اليمن؛ كذي الكلاع في حمير، وقيس بن هبيرة في مذحج، وجندب بن عمرو في الأزد، وحابس بن سعد في طيئ، ورافق قدوم كتاب خالد قدوم عكرمة فيمن معه من تهامة وعمان والشحر والبحرين، فبعث بهم أبو بكر إلى خالد، واستنفر الخليفة عماله ليستنفروا من حولهم، فاستجاب لعمرو خلق كثير من عمان، واستجاب للوليد جموع من قضاعة. وأمر أبو بكر يزيد بن أبي سفيان على ألف من أهل مكة، كما أمر أبا عبيدة على جند عظيم من المهاجرين والأنصار.
وكان جيش عمرو الذي فتح مصر من جند الشام. ويجمع المؤرخون على أنه كان يمنيًّا من عك أو من عك وغافق، وانضم إليه بعض الأبناء وعرب سيناء القضاعيين، وقوم من بني راشدة، وأناس من لخم. ولو رجعنا إلى تسمية القبائل في الخطط التي نزلوها في مصر لاتضح لنا أن كثرة هذه القبائل من عرب اليمن، الذين ظلوا غالبين على من سواهم من العرب، حتى ولاية عبد العزيز بن مروان، الذي ضاق ببلد ليس فيه أحد من بني أمه.
وكانت نتيجة غلبة اليمن على جند مصر والشام، أننا لا نكاد نجد في الشعر صورة كاملة للفتوح في الشام كهذه التي رأيناها في العراق، فالشعر في الشام لم يستطع أن يصور جوانب الفتوح تصويرًا شاملًا ولا دقيقًا، بينما لا نكاد نجد في مصر شعرًا على
اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي الجزء : 1 صفحة : 296