اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي الجزء : 1 صفحة : 279
كما تروي بعض الأراجيز التي -كانت النساء والولائد والأطفال يتغنون بها إبان فتح بيت المقدس، وما فعله المسلمون بأعدائهم في الفترة ما بين جمادى ورجب- تقول:
العجب كل العجب ... بين جمادى ورجب
أمر قضاء قد وجب ... يخبره من قد شجب
تحت غبار ولجب1
ومثل هذه الأرجوزة التي تغنى بها الأطفال والنساء في الكوفة بعد عزل الوليد بن عقبة، والتي تقول:
يا ويلتا قد عزل الوليد ... وجاءنا مجوعًا سعيد
ينقص في الصاع ولا يزيد ... فجوع الإماء والعبيد2
وهكذا نجد هذا الشعر المجهول قائله يتناول نفس الموضوعات التي تناولها الشعر المنسوب إلى قائله، وإن كان يتميز بمميزات معينة؛ فهو شعر قليل، ورجز كثير، وتكاد تنعدم فيه روح الفردية؛ إذ يتغنى الشاعر فيه بلسان الجماعة، ويعبر عن فعالها جميعًا، وما تقاسيه في مجموعها من مشاق القتال، ولا ينفك عن هذه الميزة إلا في شعر الحنين والشكوى فحسب.
وكذلك يتميز هذا الشعر بروح إسلامية واضحة، تشيع في معانيه والفاظه، وفضلًا عن هذا فهو بسيط في أفكاره القريبة، التي تكاد تقرب من التقريرية المحضة، وتكاد ألفاظه تكون نثرًا، فيما عدا شعر الحنين، فإننا لا نلمس فيه هلهلة النسيج وضعف البناء، اللذين نجدهما في بقية هذا الشعر، مما أدى إلى أن يتسم بالصدق والحرارة الشعورية، برغم بساطته وسهولته.
وخلاصة القول: إن طوابع شعبية تسم بعض شعر الفتوح ورواياته وروايات البطولة التي نسبت إلى بعض شعرائها، بفعل اهتمامات أفراد الشعب بهذه الفتوح، وتغنيهم
1 الطبري ج2/ 2419.
2 الطبري ج5/ 2850.
اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي الجزء : 1 صفحة : 279