responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي    الجزء : 1  صفحة : 239
وللتدليل على ما نذهب إليه بصدد حلول قصائد الحنين هذه محل المقدمة الطللية، الذي استوعب هذا اللون كل ما كان يسكب فيها من عوطف. نرى أنه لا ضير في أن تكون هذه الأبيات مطلعًا لإحدى القصائد التقليدية، وهي أبيات لأحد الفاتحين النازحين يقول فيها:
خليلي هل بالشام عين حزينة ... تبكي على نجد لعلي أعينها
وهل بائع نفسًا بنفس أو الأسى ... إليها فأخلاها بذاك حنينها
وأسلمنها الباكون إلا حمامة ... مطوقة قد بان عنها قرينها
تجاوبها أخرى على خيرزانة ... يكد يدنيها من الأرض لينها
نظرت بعيني مؤنسين فلم أكد ... أرى من سهيل نظرة أستبينها
فكذبت نفسي ثم راجعت نظرة ... فهيج لي شوقًا لنجد يقينها1
فهل هناك فرق بين هذه الأبيات وأية مقدمة طللية؟ وهل هناك فرق بينها وبين ما نراه بعد عند العذريين من آلام الشوق والتبريح؟
وفي الوقت الذي نجد فيه الرجز يقاسم الشعر في الموضوعات القديمة المتطورة؛ كشعر الجهاد والرثاء نجده لا يستطيع أن يشاركه في شعر الحنين؛ إذ هو اللون الوحيد من ألوان الشعر في الفتوح، الذي لم يكن للرجز فيه نصيب من التعبير. وربما يرجع هذا إلى أن معاني الحنين لا يمكن نظمها إلا في ظروف وجدانية خاصة، ولحظات غنائية حالمة ومتأنية، مما يخالف طبيعة الرجز، الذي غلبت عليه طبيعة الاندفاع، والانفعال العنيف اللاهب؛ نتيجة لقيامه بدور التحميس والحث في ظروف القتال.
وحظيت المشاهد الغريبة التي عاينها المسلمون لأول عهدهم بها في مناطق الفتح النائية، وبخاصة في الجناح الشرقي لفارس بغير قليل من عناية الشعراء الذين راحوا يصورون انطباعاتهم بهذه المشاهد وانعكاساتها على أنفسهم. وقد حظيت طبيعة هذه البلدان التي تختلف عن طبيعة بلاد العرب باهتمام الشعراء بها وتصويرها، والتعبير عن

1 ياقوت ج4، ص748.
اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي    الجزء : 1  صفحة : 239
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست