اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 49
أي لكثرة ما يلمنني في هواها ويغضبني ويراجعنني كان بين وبينهن حربا بسببها والوطيس تنور من حديد سمي بذلك لأن المطارق دقته والوطسن الدق يريد حرارة قلبه بما فيه من حرارة الهوى
بيضاء يمنعها تكلم دلها ... تيهاً ويمنعها الحياء تميسا
أراد أن تتكلم فحذف أن يبقى عملها كما قال الأخر، أنظرا قبل تلوماني إلى، طللٍ بين النقا والمنحني،
لما وجدت دواء دائي عندها ... هانت على صفات جالينوس
يريد بصفاته ما وصفه من الادوية في كتبه ومعالجاته
أبقى زريق للثغور محمدا ... أبقى نفيس للنفيس نفيسا
محمد هو الممدوح وزريق هو أبوه يقول لما مات أبو ورثه ولاية الثغور وهو نفيس وابنه محمد نفيس وحفظ الثغور أيضا نفيس فقد أبقى رجل نفيس لابن نفيس أمرا نفيسا وهو حفظ الثغور وذوب الكفار عنها
إن حل فارقت الخزائن ماله ... أو سار فارقت الجسوم الروسا
المشهور في جمع الرأس الرؤس وقد جمع فعل على فعل مثل فرس ورد وخيل ورد ورجل كث اللحية وقوم كث وسقف وسقف ورهن ورهن ورجل ثط وقوم ثط وقد قال امرء القيس، فيوماً إلى أهلي ودهري إليكم، ويوماً أحطُّ الخيل من رؤس أجبال، يقول إن كان نازلا في وطنه وهب أمواله حتى تفارق خزائنه وإن سار للحرب فرق من جسوم اعدائه رؤسهم
ملك إذا عاديت نفسك عاده ... ورضيت أوحش ما كرهت أنيسا
تقدير الكلام إذا عاديت نفسك ورضيت أوحش ما كرهت أنيسا فعاده ولكنه حذف الفاء ضرورة كما قال، من يفعل الحسنات الله يشكرها، أراد فالله يشكرها ولا يجوز أن يريد بعاده التقديم كأنه قال ملك عاده إذا عاديت نفسك لأن ما بعد ملك من الجملة صفة له وقوله عاده أمر والأمر لا يوصف به لأن الوصف لابد من أن يكون خبرا يحتمل الصدق والكذب والأمر والنهي والاستفهام لايحتمل صدقا ولا كذبا ومعنى البيت إن عاديته فقد عاديت نفسك ورضيت أوحش الأشياء وهو الموت أنيسا أي أنه يقتلك كما يقتل اعداءه
الخائض الغمرات غير مدافعٍ ... والشمري المطعن الدعيسا
نصب الخائض بفعلٍ مضمر كأنه قال ذكرت أو مدحت الخائض ويجوز أن يكون بدلا من الهاء في عاده والشمري الجاد في أمره والمشمر وروى بكسر الشين كذلك حكاه أبو زيد والدعيس فعيل من الدعس وهو الطعن يقول هو الذي يخوض شدائد الحرب فلا يعارضه أحد
كشفت جمهرة العباد فلم أجد ... إلا مسوداً جنبه مرءوسا
جمهرة الشيء وجمهوره أكثره يقول جربت جماعة عباد الله فلم أجد أحدا إلا والممدوح فوقه في السيادة والرياسة ونصب جنبه تشبيها بالظرف اراد أنه بالاضافة إليه مسود ومرءوس كما يقال هذا حقير في جنب هذا
بشر تصور غياة في آية ... تنفي الظنون وتفسد التقييسا
الآية العلامة واكثر ما تستعمل الآية في العلامة على قدرة الله تعالى يقول هو غاية في الدلالة على قدرة الله تعالى حين خلق صورته بشرا آدميا وفيه ما لايوجد في غيره حتى نفى ظنون الناس فلا يدرك بالظن وافسد مقايستهم لأن الشيء يقاس على مثله ونظيره ولا نظير له فيقاس عليه وقال ابن جنى في قوله تنفى الظنون أي لا يتهم في حالٍ ولا تسبق غليه ظنة وليس هذا من ظن التهمة وإنما هو من الظن الذي هو الوهم أي أن ظننته بحراً أو أسداً أو قمراً فليس على ما ظننته بل هو أفضل من ذلك وفوق ما ظننته
وبه يضن على البرية لا بها ... وعليه منها لا عليها يوسا
الضن البخل بالشيء أي أنه يبخل به على الناس كلهم لا بالناس عليه أي لو جعل هو فداء جميع الناس بأن يسلموا هم كلهم دونه لم يساووا قدره ولو جعلوا كلهم فداء له لم يبخل عليه بهم لأنه افضل منهم ففيه منهم خلف ولا خلف منه في جميع الناس وعليه يحزن لو هلك لا على الناس كلهم والمصراع الثاني كالتفسير للأول ويقال أسيت عليه أسى أي حزنت عليه وقال ابن جنى وجه الضن ههنا أن يكون فيهم مثله حسداً لهم عليه وهذا محال باطل لأنه إذا بخل به المتنبي على الناس فقد تمنى هلاكه وأن يفقد من بين الناس حتى لا يكون فيهم
لو كان ذو القرنين أعمل رأيه ... لما أتى الظلمات صرن شموسا
قصة ذي القرنين في دخوله الظلمات مشهورة يقول لو استعمل رأي الممدوح لأضاءت له تلك الظلمات
أو كان صادف راس عازر سيفه ... في يوم معركةٍ لأعيى عيسى
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 49