اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 48
قال ابن جنى أي لا كلفة عليك به لأني لم اتكلف لك شيئاً من مالي فإنما هو مالك عاد إليك أو بقي بحاله عندك ويكون تحمل شكرك على قبوله ثقيلا عليّ لتكامل صنيعتك به وقال العروضي هذا البيت تأكيد لما فسرته فتأمله لأنه يقول هذه الهدية بر تحبه كما وصفته فيخف عليك قبوله لأنه إعطاء وأنت تخف إلى الإعطاء ولا منة عليك فيه وإنما المنة لك وتحمله إنما يثقل عليّ لا عليك لأنك إذا اعطيتني رقبتي بالشكر وقال يمدح محمد بن زريق الطرسوسي
هذي برزت لنا فهجت رسيسا ... ثم انصرفت وما شفيت نسيسا
قال ابن جنى أي يا هذه ناداها وحذف حرف النداء ضرورة وقال أبو العلاء المعري هذه موضوعة موضع المصدر واشارة إلى البرزة الواحدة كأنه يقول هذه البرزة برزت لنا كأنه يستحسن تلك البرزة الواحدة وانشد، يا إبلي إما سلمت هذي، فاستوسقي لصارمٍ هذاذ، أو طارقٍ في الدجن والرذاذ، يريد هذه الكرة وهذا تأويل حسن لا ضرورة فيه ولا حاجة معه إلى الإعتذار والرسيس والرس مس الحمى وأولها وهو ما يتولد منها من الضعف والرسيس ما رس في القلب من الهوى أي ثبت ومنه قول ذي الرمة، إذا غير النأي المحبين لم يكد، رسيس الهوى من ذكر مية يبرح، وهذا هو المراد في بيت المتنبي والنسيس بقية النفس بعد المرض والهزال يقول برزت لنا فحركت ما كان في قلبنا من هواك ثم انصرفت عنا ولم تشفي بقايا نفوسنا التي ابقيت لنا بالوصال
وجعلتِ حظي منك حظي في الكرى ... وتركتني للفرقدين جليسا
أي حلت بيني وبينك كما حلت بيني وبين الكرى فحظي منك ومن وصالك كحظي من الكرى أي لا حظ لي من الوصال ولا من النوم
قطعت ذياك الخمار بسكرة ... وأدرت من خمر الفراق كؤسا
ذياك تصغير ذاك أي كنا مع قربك في شبه الخمار لما كنا نقاسي من ضنك بالوصل فأزلت ذلك كله بأن اسكرتنا بفراقك فجاء ما طم على الخمار والمعنى بلينا من فراقك باشد مما كنا نقاسيه من منعك مع قربك فشبه بخلها في قربها بالخمار وفراقها بالسكر وصغر الخمار لأنه لما قايسه بالسكر صغر عنده
إن كنت طاعنة فإن مدامعي ... تكفي مزادكم وتروي العيسا
يقول إن كنت مرتحلة فإني أكثر عليك من البكاء حتى إن دموعي تملأ ما معكم من المزاد وتروي ابلكم والمزاد جمع مزادة وهي أوعية الماء الذي يتزود في السفر ويريد بالمدامع مدامع عينيه
حاشى لمثلك أن تكون بخيلةً ... ولمثل وجهك أن يكون عبوسا
حاشا من المحاشاة وهي المجانبة والمباعدة يقول لا ينبغي لمثلك من النساء أن تكون بخيلة فتبخل على من يحبها بالوصال ولمثل وجهك في حسنه أن يكون عبوسا للناظرين إليه وكان الوجه أن يقول حاشا لمثلك أن يكون بخيلا لتذكير المثل ولكنه حمل المثل على المعنى لا على اللفظ لأنها إذا كانت مؤنثة فمثلها ايضا مؤنث
ولمثل وصلك أن يكو ممنعا ... ولمثل نيلك أن يكون خسيسا
قال ابن جنى يسأل عن هذا فيقال إنما يحسن الوصل ويطيب إذا كان ممنعا وإذا كان مبذولا مل وعزفت عنه النفس الا ترى إلى قول أبي تمام، غالي الهوى مما يرقص هامتي، أروية الشغف التي لم تسهل، ولى قول كثير عزة، وإن لأسموا بالوصال إلى التي، يكون سناء وصلها وأزديارها، أي إنما ارغب في ذت القدر لا المبذولة أولا ترى أن بعضهم انشد قول الأعشى، كأن مشيتها من بيت جارتها، مر السحابة لا ريث ولا عجل، فقال هذه خارجة ولاجة هلا قال كما قال الآخر، وتشتاقها جاراتها فيزرنها، وتعتل عن إتيانهن فتعذر، وإن هي لم تقصد لهن أتينها، نواعم بيضا مشيهن التأطر، قال ووجه ما جاء به صحيح وإنما أراد حاشا لك أن تعتقدي البخل وإن تمنعي وصلك بالنية إن لم يكن بالفعل قال ابن فورجة هذا اعتراض على أبي الطيب بوصفه عشيقته بإنها مبذولة الوصل ولم يتعرض لذلك بشيء وإنما قال لها حاشاك من هذا الوصف وليس في اللفظ ما يدل على أنها مبذولة الوصل ولم يتعرض لذلك بشيء وإنما قال لها حاشاك من هذا الوصف وليس في اللفظ ما يدل على أنها مبذولة الوصل أو ممنعة بل فيه أنى أوثر أن يكون مبذولا فأي محب لا يؤثر ذلك ولفظ المتنبي لم يفد إلا التمني وابعادها من البخل وإن كان يراد منه أن لا يتمنى بذل حبيبه فهو محال
خود جنت بيني وبين عواذلي ... حرباً وغادرت الفؤاد وطيسا
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 48