اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 47
جعل العير مثلا للدني والفرس مثلا للكريم والمعنى بأعز شيء في اللئيم يفدي أخس شيء في الكريم أي أن حاسدهم إذا فداهم كان كما يفدي حافر الفرس بوجه الحمار ومثل هذا لأبي جعفر الإسكافي، فنسي فداءك وهي غير عزيزةٍ، في جنب شخصك وهو جد عزيز، الله يشهد والملائك أنني، لجليل ما أوليت غير كفور، نفسي فداؤك لا لقدري بدل أرى، أن الشعير وقاية الكافور،
أبا الغطارفة الحامين جارهم ... وتاركي الليث كلبا غير مفترس
يقول يا أبا السادة الذين يحفظون ويتركون الأسد كلبا لا يصيد شيئا يعني أن الأسد عندهم كالكلب غير الصائد لجبنه عنهم
من كل أبيض وضاح عمامته ... كأنما اشتملت نوراً على قبس
الوضاح الواضح الجبهة وتم الكلام ثم ابتدأ وقال عمامته كأنها مشتملة على شعلة نار لنور وجهه وإشراق لونه
دانٍ بعيد محب مبغضٍ بهج ... أغر حلوٍ ممر لين شرس
أي هو دان قريب ممن يحبه ويقصده بعيد عن من ينازعه محب للفضل وأهله مبغض النقص وأهله بهج مبهج بالقصاد حلو لأوليائه مر على أعدائه يقال أمر الشيء إذا صار مرا لين حسن الخلق شرس سيىءُ الخلق على الإعداء والمعنى أنه جمع هذه الأوصاف وروى الخوارزمي محب ومبغض على المفعول
ندٍ أبي غرٍ وافٍ أخي ثقةٍ ... جعدٍ سريٍّ نهٍ ندبٍ رضًى ندس
ند جواد أي هو ندى الكف وأبى يأبى الدنايا والغرى هو المغرى بالشيء يقول هو مغري بالفعل الجميل وافٍ بالعهد والوعد أخي ثقة صاحب ثقة يوثق به وروى ابن جنى أخٍ ثقةٍ أي هو مستحق لإطلاق هذا الإسم عليه لصحة مودته لمن خالطه وثقة موثوق به مأمون عند الغيب وهو مصدر وصف به ومعناه ذو ثقة وصاحب ثقة وجعد ماضٍ في أمره خفيف النفس يشهب بشعر الجعد وهو ضد المسترسل وسري من السرو يقال سرو يسرو سروا فهو سريٌ إذا صار مرضيٌ والندس الفطن البحاث عن الأمور العارف بها يقال رجل ندس وندس
لو كان فيض يديه ماء غاديةٍ ... عز القطا في الفيافي موضع اليبس
الفيض مصدر من فاض الماء يفيض فيضا واراد بالفيض هاهنا الفائض وهو ما يفيض من يديه من العطاء يقول لو كان عطاؤه ماء سحابة لعم الدنيا كلها حتى لا يجد القطا موضعا يابسا يلتقط منه الحب أو ينام فيه وعز معناه غلب والمعنى أن اليبس يغلبه بامتناعه عليه فهو يطلبه ولا يجده وتحقيق المعنى غلب القطا وجود موضع اليبس واليبس المكان اليابس ومنه قوله تعالى فأضرب لهم طريقا في البحر يباس وهو من باب اضافة المنعوت إلى النعت
أكارم حسد الأرض السماء بهم ... وقصرت كل مصر عن طرابلس
أكارم جمع أكرم كما يقال افاضل جمع أفضل يقول بسببهم وكونهم في الأرض تحسدها السماء حيث لم يكن في السماء مثلهم وتاخر كل مصر عن بلدتهم لفضلهم على أهل سائر الأمصار
أي الملوك وهم قصدي أحاذره ... واي قرن وهم سيفي وهم ترسي
هذا استفهام معناه الأنكار يقول إذا قصدت هؤلاء لم أحذر أحدا من الملوك وإذا استعنت بهم لم أحذر قرنا يقاتلني وقال في صباه أيضا لصديق له وأراد سفرا
أحببت برك إذ أردت رحيلا ... فوجدت أكثر ما وجدت قليلا
الرحيل اسم بمعنى الارتحال يقول لما أردت أن ترتحل للسفر احببت أن أبرك فوجدت أكثر ما عندي قليلا بالاضافة إلى عظم قدرك
وعلمت أنك في المكارم راغب ... صب إليها بكرةً وأصيلا
فجعلت ما تهدي إلى هديةً ... مني إليك وظرفها التأميلا
قال ابن جنى هذا البيت يحتمل معنيين احدهما أن يكون اهدى إليه شيئا كان اهداه إليه صديقه الممدوح والآخر أن يكون اراد جعلت ما من عادتك أن تهديه إليّ وتزودينيه وقت فراقك هديةً مني إليك أي اسألك أن لا تتكلفه لي قال العروضي فيما املاه عليّ مما استدركه على أبي الفتح أراد أنك تحب أن تعطى فجعلت قبول هديتك إلى هديةً مني إليك لحبك ذلك وقول العروضي امدح واليق بما قبله من رغبته في المكارم واشتياقه إليها وقوله ظرفها التأميلا الظرف وعاء الشيء يقول جعلت تأميلي مشتملا على قبول هذه الهدية أهداها الممدوح فعادت إليه وعلى القول الثاني هذه الهدية أن لا يهدى الممدوح إلى المتنبي شيئا وعلى القول الثالث أن يهدي إلى المتنبي شيئا فيكون كما لو أهدي إليه المتنبي شيئا لحبه الإهداء
بر يخف على يديك قبوله ... ويكون محمله عليَّ ثقيلا
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 47