اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 312
العون جمع العوان وهي التي بين السنين يقول هو أجل قدرا من أن يفعل في المكرمات فعلا قد سبق إليه وإنما يأتي بالمكارم ابتداء اختراعا كما قال أيضا، يمشي الكرام على آثار غيرهم، وأنت تخلق ما تأتي وتبتدع،
يبيد عداوات البغاة بلطفهِ ... فإن لم تبد منهم أباد الأعاديا
أي يسل سخائم الأعداء برفقه وتلطفه لهم فإن لم تذهب اضغانهم وعداوتهم أبادهم وأهلكهم
أبا المسك ذا الوجه الذي كنت تائقا ... إليه وذا الوقت الذي كنت راجيا
يقول وجهك الذي أراه الوجه الذي كنت اشتاق إليه وهذا الوقت الذي أنا فيه الوقت الذي كنت أرجو أدراكه يعني وقت لقائه والتوقان النزاع يقال تاق إليه يتوق توقانا
لقيت المروري والشناخيب دونه ... وجبت هجيرا يترك الماء صاديا
المروري جمع المروراة وهي الفلاة الواسعة والشناخيب جمع شنخوب وشناخب وهي ناحية الجبل المشرفة وفيها حجارة نابتة والصادي العطشان يذكر ما لقي من التعب في الطريق إليه وما قاسى من حر الهواء والهواجر التي تيبس الماء والماء لا يكون صاديا لكنه مبالغةٌ
أبا كل طيبٍ لا أبا المسك وحده ... وكل سحابٍ لا أخص الغواديا
يدل بمعنى واحد كل فاخرٍ ... وقد جمع الرحمان فيك المعانيا
يقول كل فاخر إنما يفخر بمنقبة واحدة وقد جمع الله لك جميع المناقب والمفاخر كما قال أبو نواس، كأنما أنت شيء، حوى جميع المعاني،
إذا كسب الناس المعالي بالندى ... فإنك تعطي في نداك المعاليا
يقول إذا جاد الجواد ليحصل له العلو بالجود فإنك تعلى من تعطيه وتشرفه بعطائك لأن الأخذ منك يكسب الآخذ شرفا ويعلي محله كما قال الطائي، ما زلت منتظرا أعجوبةً زمنا، حتى رأيت سؤالا يجتني شرفا، ويجوز أن يريد بقوله تعطى المعالي أنه يهب الولايات والأمور التي يشرف بها الناس فالمعالي من عطاياه كما قال البحتري، وإذا اجتداه المجتدون فإنه، يهب العلي في نيله الموهوب،
وغير كثير أن يزورك راجلٌ ... فيرجع ملكا للعراقين واليا
هذا البيت يدل على صحة الوجه الثاني في البيت الذي قبله
فقد تهب الجيش الذي جاء غازيا ... لسائلك الفرد الذي جاء عافيا
يقول إذا غزاك جيش أخذته فوهبته لسائلٍ واحدٍ أتاك يسألك
وتحتقر الدنيا احتقار مجربٍ ... يرى كل ما فيها وحاشاك فانيا
يقول أنت تحتقر الدنيا احتقار من جربها فعرفها وعلم أن جميع ما فيها يفنى ولا يبقى فلذلك تهبها ولا تدخرها وقوله حاشاك استثناء مما يفنى ذكر هذا الاستثناء تحسينا للكلام واستعمالا للادب في مخاطبة الملوك وهو حسن الموقع
وما كنت ممن أدرك الملك بالمنى ... ولكن بأيامٍ أشبن النواصيا
يقول لم تدرك الملك بالتمني والاتفاق ولكن بالسعي والجهد والوقائع الشديدة التي تشيب نواصي الأعداء والمراد بالأيام الوقائع ومنه قوله تعالى وذكرهم بأيام الله قيل في التفسير يعني وقائع الله في المم الخالية وهذا من قول الطائي، فتى هز القنا فحوى سناء، بها لا بالأحاظي والجدود، ومثله قول يزيد بن المهلبي، سعيتم فأدركتم بصالح سعيكمْ، وأدرك قوم غيركم بالمقادرِ، وله أيضا، إذا قدم السلطان قوماً على الهوى، فإنكم قدمتم بالمناقب،
عداك تراها في البلاد مساعيا ... وأنت تراها في السماء مراقيا
قال ابن جنى أي تعتقد في المعالي اضعاف اعتقاد الناس فتحسب ذلك مما يكون طلبك لها وشحك عليها هذا كلامه والمعنى على ما قال بأن اعداءك يرون الأيام والوقائع مساعي في الأرض وأنت تراها مراقي في السماء لأنك بها تنال العلو
لبست لها كدر العجاج كأنما ... ترى غير صافٍ أن ترى الجو صافيا
يقول لبست للحروب وللمساعي عجاجا مظلما كأنما ترى صفاء الجو أن لا يصفو من الغبار أي أنت أبدا تثير غبار الحرب وكأنك إذا رأيت الجو صافيا رأيته غير صاف لكراهتك لصفائه من الغبار
وقدت إليها كل أجرد سابحٍ ... يؤديك غضبانا ويثنيك راضيا
يقول قدت إلى الحرب كل فرس يوردك الحرب وأنت غضبانٌ ويرجعك عنها راضيا لإدراك ما طلبت
ومخترطٍ ماضٍ يطيعك آمراً ... ويعصي إذا استثنيت أو صرت ناهيا
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 312