دفع هذا الشارب الذي يشرب الخمر ويبغي علينا بعقر كرائم أموالنا ونحرها متعمدًا قاصدًا؟ ترون من الرأي والباء في قوله بشارب صلة محذوف تقديره أن يفعل ونحوه.
91-
وَقَالَ: ذَرُوهُ إنَّما نَفْعَهَا لَهُ ... وَإلّا تكُفّوا قاصيَ البْرَكِ يَزْدَدِ
ذروه: دعوه، والماضي منهما غير مستعمل عند جمهور الأئمة اجتزاء بـ: "تَرَكَ" منهما، وكذلك اسم الفاعل والمفعول لاجتزائهم بالتارك والمتروك. الكفّ: المنع والامتناع، كفَّه فكَفَّ، والمضارع منهما يَكُفُّ.
يقول: ثم استقر رأي الشيخ على أنه قال دعوا طرفة إنما نفع هذه الناقة له. أو أراد إنما نفع هذه الإبل له؛ لأنه ولدي الذي يرثني وإلا تردّوا وتمنعوا ما بعد هذه الإبل من الندود يزدد طرفة من عقرها ونحرها، أراد أنه أمرهم بردّ ما نَدَّ لئلا أعقر غير ما عقرت.
92-
فَظَلّ الإماءُ يَمْتَلِلْنَ حُوَارَهَا ... ويُسْعَى علَينا بالسَّديفِ الْمُسرْهَدِ
الإماء: جمع أمة. الامتلال والملل: جعل الشيء في الملة وهي الجمر والرماد الحار. والحوار للناقة: بمنزلة الولد للإنسان يعم الذكر والأنثى، السديف: السنام، وقيل: قطع السنام. المسرهد: المربّى، والفعل سرهد يسرهد سرهدة.
يقول: فظل الإماء يشوين الولد الذي خرج من بطنها تحت الجمر والرماد الحار، ويسعى الخدم علينا بقطع سنامها المقطع، يريد أنهم أكلوا أطايبها وأباحوا غيرها للخدم، وذكر الحوار دال على أنها كانت حبلى وهي من أنفس الإبل عندهم.
93-
فَإِن مُتُّ فَاِنعيني بِما أَنا أَهلُهُ ... وَشُقّي عَلَيَّ الجَيبَ يا اِبنَةَ مَعبَدِ
لما فرغ من تعداد مفاخره أوصى ابنة أخيه -ومعبدٌ أخوه- فقال: إذا هلكت فأشيعي خبر هلاكي بثنائي الذي أستحقه وأستوجبه وشقي جيبك[1] عليّ، يوصيها بالثناء عليه والبكاء. النعي: إشاعة خبر الموت، والفعل نعى ينعى، أهله أي مستحقه، كقوله تعالى: {وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح: 26] [1] الجيب: من القميص ونحوه، ما يدخل منه الرأس عند لبسه.