responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 179
ذكر اليسر والعسر والإنتعاش من صرعة الدهر
تجلت عنه غمة الخطوب، ودارت له العواقب بالمحبوب. انقشعت ضبابة محنته، وتجلت غمرة كربته، وطلعت نجوم سعادته، وهطلت سحائب إرادته. صلح له الدهر الطالح، وملكه عنانه البخت الجامع، طلع سعده بعد الأفول، وبعد صيته بعد الخمول، صار كمن أحيي وهو رميم، وأنبت وهو هشيم. أنعم الله بإعادته، إلى أحسن عادته. أقبلت عقد أموره تتحلل، ومطالبه تتسهل، ووجوه مناجحه تتهلل. أخرجه من الضيق إلى السعة، ومن الانزعاج إلى الدعة. تماسكت حاله التي تخللها الخلل، وثبتت قدمه التي ملكها الزلل. صلحت حاله واستقلت، وثبتت قدمه واستقرت.
وصف عيش الناعم المغبوط
فلان في عيشة ندي ظلها، وسح وابلها وطلها. هو عيش رقيق الحواشي، مثمر النواحي. هو في نعمة صافية، ومنحة ضافية، وعيشة راضية. قد لاحظ العيش مخضر العود، ولابس الدهر متصل السعود. هو صائب سهم الأمل، وافر جناح الجذل. يفترع أبكار اللذات، ويجتني ثمار المسرات، يغازل الغزلان، ويقامر الأقمار، ويعاقر العقار. يهصر أغصان القدود، ويقطف ورد الخدود، ويجني رمان النهود. قد صحبته الأيام أحسن صحبة، وعاشرت الزمان أهنأ عشرة. غراب البين عن ربعه مطار، وغيم اللهو فيه مطير. هو في جانب منيع، وجناب مريع. ثمل في غناه، مستقل في كراه قد هنأه الله كل يوم إحساناً أغر، وملأه عيشاً أغن. قد خفض الزمان له جناحاً، وآلان مهاده. فهو يأخذ ما يشاء ويدع، ويلعب ويرتع لذلة العيش وطاب، وولى رقيب الغم عنه وغاب. هو بين جاه عريض، وعيش غريض. هو بين نعمة سنية، وبلهنية هنية. تذل له الأيام أخادعها، وتدني إليه

اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست