اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 129
القمرين، وأعده ظهيراً على الملوين، ولا أعظم كحق مودته حقا، ولا أرى بين النفسين فكيف بين المالين فرقا. أنت جار مني مجرى أبعاض جسمي وأعشار قلبي. أنت جزء من نفسي، وناظم شمل أنسي. أنت تحل مني محل العضو من الجسد، واللب من الكبد. فلان يعز علي، يكبر لدي، ويحل مني محل عيني ويدي. أنت مني كالعين الناظرة التي تصان عما يقذيها، واليد الباطشة التي تحفظ مما يدويها. هو شقيق روحه، وعديل حياته، وشريك دولته، وقسيم نعمته. ما زال مستودع سري وجهري، ومشتكى بثي وحزني. هو مني بمنزلة الولد، والعضو من الجسد. قد أحله الله مني محلاً بعيداً في رفعته، قريباً في أثرته.
المنادمة والمؤانسة
له مدخل في المداخلة، يثبت في مواقف الأنس قدمه. هم إخوان كما انفرج المشط وندماء كما انتظم السمط. إذا اعتقت المنادمة، صارت نسباً دانيا، وكانت رضاعاً ثانيا. العشرة رضاع تثبت حرمته، والمودة لبان تلزم ذمته. قد تقلبنا في أعطاف العيش بين الوقار والطيش، وارتضعنا ثدي العشرة، إذ الزمان رقيق القشرة. كلفة الود هنية، وفروضه متعينة وأرض العشرة لينة، وطريقها بينة. أفضنا في العشرة، من القشرة. انسي به أنس من نشد الضالة فوجد، وناهض الأمل فبلغ ما قصد. المرء مقيس بقرينه وسميره، ومحمول على حكم جليسه وعشيره. إخوان متوافقون، قد تطابقوا في الآراء، وتآلفوا في الاهواء، وتمالحوا في الطعام، وتراضعوا بالمدام.
التودد والافصاح عن صدق المحبة والموالاة
أنا اتهم عليك عيني وإن كنت لا أتهم قلبي. وأرضي لمودتك نيتي، وإن كنت لا أرضى لها طاقتي. أنا ما غبت كالمضل الناشد، وإذا رجعت فكالغانم
اسم الکتاب : سحر البلاغة وسر البراعة المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 129