اسم الکتاب : ديوان المعاني المؤلف : العسكري، أبو هلال الجزء : 1 صفحة : 234
(بكى وامق جاء الفراق ولم تجل ... جوائِلها أسراره ومعاثبه)
فقالت ظريفة منهن لكن الآن فليجل فنظرت إليها ميّ، ثم مضيت في القصيدة إلى قوله:
(إذا سَرَحَتْ من حبَ مَيّ سوارحٌ ... عن القلبٍ أتته جميعاً عوازبه)
فقالت الظريفة قتلته قتلك الله فقالت مي ما أصحه وهنيئاً له فتنفس ذو الرمة تنفسه كاد حرها يطير شعر وجهه، ومضيت حتى انتهيت إلى قوله:
(وقد حلفتْ باللَّهِ ميةُ ما الذي ... أقولُ بها إلا الذي أنا كاذُبه)
(إذاً فرماني اللًّهُ من حيثُ لا أرى ... ولا زال في أرضي عدوٌ أحاربهُ)
فقالت الظريفة قتلته قتلك الله فقالت مي خف عواقب الله يا غيلان، ثم مضيت حتى انتهيت إلى قوله:
(إذا راجعتك القولَ ميةُ أو بدا ... لك الوجهُ منها أو نضا الدرع سالبه)
(فيالك من خدٍ أسيلٍ ومنطقٍ ... رخيم ومن خلقٍ تعلل جادبه)
فقالت الظريفة للنساء إن لهذين لشأنا فقمن بنا فقمن وقمت معهن فجلست في بيت أراها منه فسمعتها قالت له كذبت والله وما أدري ما قال لها وما أكذبته، فلبث قليلاً ثم جاءني ومعه قاروة فيها دهن وقلائد فقال طيب أتحفتنا به مي وهذه قلائد للجؤذر ولا والله لا أقلدهن بعيراً وشدهن بذؤابة سيفه ثم انصرفنا فكان يختلف إليها حتى تقضى الربيع ودعا الناس الصيف فأتاني فقال يا عصمة قد رحلت ميّ ولم يبق إلا الآثار والنظر إلى الديار فاذهب بنا ننظر في ديارها ونقفو آثرها فخرجنا حتى أتينا منزلها فوقف ينظر ثم قال:
(ألا يا سلمى يا دارَ مَيّ على البلى ... ولا زالَ منهلاً بجرعائك القطرُ)
قال عصمة فما ملك عينية فقلت منه فانتبه وقال إني لجلد وإن كان مني ما ترى.
اسم الکتاب : ديوان المعاني المؤلف : العسكري، أبو هلال الجزء : 1 صفحة : 234