اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 97
هذا هو الموضوع، والآن أخرج عن جوهره وأتكلم في حواشيه، وأقول: قلت إن هذه الخصوصية تشيع في الأساليب العلمية، وأقول:
وكانت طريقة ابن المقفع في أساليبه الأدبية التعليمية، أو في أدبه الموجه تصطنع أسلوب التوكيد كثيرًا، من ذلك وهو كثير جدا:
"اعلم أن رأيك لا يتسع لكل شيء ففرغه للمهم، وأن مالك لا يغني الناس كلهم، فاختص به ذوي الحقوق، وأن كرامتك لا تطيق العامة فتوخ بها أهل الفضائل، وأن ليلك ونهارك لا يستوعبان حاجتك، وإن دأبت فيهما وأنه ليس لك إلى أدائها سبيل مع حاجة جسدك إلى نصيبه من الدعة، فأحسن قسمتهما بين عملك ودعتك ... ".
وقد يكون التوكيد لتحقيق الوعد كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [1]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [2]، وقوله: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [3]، ومثله كثير جدًّا، ومقام الوعد من مقامات التوكيد لتزداد النفوس به يقينا واطمئنانًا، ومثله مقام الوعيد كما في قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [4].
وقد يكون التوكيد للإشارة إلى أن الذي كان لم يكن على وفق ظن المتكلم، فكأن نفس المتكلم تنكره فيؤكده لها، ومثاله قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ} [5]، قال عبد القاهر: قد تدخل كلمة إن للدلالة على أن الظن كان من المتكلم في الذي كان أنه لا يكون، كقولك للشيء وهو بمرأى، ومسمع من المخاطب: إنه كان من الأمر ما ترى وأحسنت إلى فلان، ثم [1] الحج: 38. [2] الأنبياء: 101. [3] الحج: 39. [4] الأنبياء: 98. [5] الشعراء: 117.
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 97