اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 362
في النار يقولون في حسرة لاهفة: {يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا، وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} [1]، وهذا غني عن البيان بعد الذي ذكرناه.
أما لماذا جاء قوله: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [2]، وخالف نسق الفواصل فذلك لأمر تقتضيه "حساسية معنوية بالغة الدقة في اللطف والإيناس"! هي أن حديثه بنعمة ربه ينبغي أن يكون خافتا في نبرته، وفي الفرط بعد الفرط حتى لا يذهب به هذا الحديث مذاهب الغرور أو الرياء، ورسول الله، وإن كان معصوما من هذا، فإن أمته من ورائه في كل خطاب إلا ما كان مختصا به، وهذا ليس واحدا منها، أقول: إن الحديث بالنعمة جاء مخالفا لنسق الفواصل في السورة لتشير هذه المخالفة إلى أنه ليس على سجية السياق الدافق، والناهي نهيا وجدانيا متصلًا عن قهر اليتيم وقهر السائل، وإنما هو أمر بإذاعة النعمة مشروط بشروط ذكرها علماء الملة، وأساسها أن يكون مقصده بالحديث عن النعمة الشكر، وأن يقتدي به غيره، وأمن على نفسه الفتنة من الغرور والرياء، أما النهي عن قهر اليتيم، وقهر السائل فذانك من المعاني التي تستثار لها النفوس حتى تنفعل بها انفعال طاعة وانقياد.
والآية التي ذكرها الزمخشري، وقاس عليها جاء الحذف فيها للاختصار كما يقول: ولفضيلة أخرى هي المحافظة على التنغيم الصوتي الداخلي في سياق آياتها، اقرأ الآية كاملة تجد ذكر هذه الأصناف قد ورد فيها على نغم موسيقي يكاد يطرد في جميعها.
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ [1] الأحزاب: 66، 67. [2] الضحى: 11.
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 362