responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 361
يتعلق بمثل هذا لما عدل عن رعاية الفاصلة في آخر سورة الضحى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ، وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} 1، وليس في السورة كلها تاء فاصلة بل ليس فيها حرف التاء على الإطلاق، فلم يقل -تعالى- فخبر، لتتفق الفواصل على مذهب أصحاب الصنعة، ومن يتعلقون به".
وهذا الاعتراض كما ترى جاء على نسق ما ذكرته مرويا عن الدارسين السابقين، ثم فيه غفلة شديدة عن رهافة السياق كما قلت، وبيان ذلك أننا حين نقول: أن القرآن يحرص على توافق التنغيم الصوتي، لا ندعي أن ذلك دائما، وإنما يحدث عندما يقتضيه السياق، ولذلك نراه واقعا في الآيات التي تصف أحداثا أو شعورًا، أو أفكارًا من نوع متوهج على اختلاف الدرجة في ذلك، ومن هنا يجيء قوله: {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [2]، أسلوبا رزينا هادئا هدوء الحق الراشد إلى الصراط المستقيم، أما قوله: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} 3، فإنها جاءت في مواقف عنيف، كله حركة واضطراب، وانفعالات موارة بلغت فيها القلوب الحناجر، وكأن الموقف يكاد ينفجر لولا هذا الانطلاق، وهذا الامتداد في تلك الألف التي أفرغت من توتر الآيات قدرًا استوى به نسق الأسلوب، انظر إلى سياق الآية:
{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} 4، تأمل ترى القوم في طوقان من الهول لا يثبت فيه إلا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
أما قوله: {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} [5]، فإنها صيحة قوم تتقلب وجوههم

1الضحى: 9-11.
[2] الأحزاب: 4.
3، 4 الأحزاب: 10.
[5] الأحزاب: 67.
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 361
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست