responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 330
فقوله: "إذا رمت عنها" لا يعني أن رومه السلو وإرادته له كثيرة، وإنما أراد أن يؤكد استمرار هذا الحب، ودوامه وأنه سيبقى في السرائر يوم تبلى، فأتى إلى هذا المعنى الجليل، من هذا الأسلوب فقال: إنه بقا هذا البقاء، ومستمر هذا الاستمرار رضيت أم كرهت؛ لأنه غالب علي حتى لو أنني رمت السلو، وعزمت على ذلك، وقطعت عزمي عليه، وتكرر مني ذلك، فلن أجد إلا هذا الصوت الذي يقضي على هذه المحاولات، ويقول: ميعاد السلو المقابر، وهذا من دقيق الصناعة، وجيدها كما ترى.
وإياك أن تتكلف في بيان دلالة التراكيب؛ لأن ذلك مما يفسد الحس والروح، وكان القدماء يقولون: إياك واهتماط الشعر -أي أخذه من غير تقدير- فتهرط في كلامك فيه أي تسف، والمهم أنه إذا لم يكن المغزى بيننا، فدع القول فيه فذلك أبر بنفسك وبالشعر، وخذ هذه الأبيات وفيها ما يمكن أن ترى وراءه دلالة لطيفة إذا نبهت إليها الدراس انتبه، ورأى فيها ما يخصب فهمه، ويكشف له من معاني الكلام ما كانت مستورًا عنه.
قال قيس بن الملوح: "من الطويل":
أراني إذا صليت يممت نحوها ... بوجهي وإن كان المصلى ورائيا
وما بي إشراك ولكن حبها ... كعود الشجا أعيا الطبيب المداويا
إذا ما طواك الدهر يا أم مالك ... فشأن المنايا القاضيات وشانيا
خليلي إن دارت على أم مالك ... صروف الليالي فابغيا لي ناعيا
والصورة في البيت الأول جيدة خلوب، ولله هذا المصلي لربه والذي يمم وجهه نحو بيت ليلاه، وجعل بيت ربه وراءه، وقد اعتذر عن هذه الشناعة بأنه رفع الحرج عنه، فقد أعيا الطبيب المداويا وليس في التهالك أبلغ من هذا، وقد غلبت السوداويه على الشاعر فذكر طي الردى، والمنايا القاضيات، وصروف الدهر والناعي، وهذا متلائم جدا مع قوله: أعيا الطبيب المداويا.

اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 330
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست