اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 245
اسم الإشارة موضع الضمير لتمييز هذا المعنى، وتحديده تهيئة للإخبار عنه بهذا الخبر الغريب، وهو أنه حير الأوهام، وأحال العالم النحرير أي الذي ينحر المسائل، أو يقتلها علما أحاله جاحدًا زنديقا، وتبا له فقد كذب على العلماء، وماذا لو عاش في زماننا، ورأى أوطاننا يعيش فيها اللصوص، ويموت فيها الأنبياء.
وقد ذكرنا في ذكر المسند إليه، وتعريفه بالإشارة شواهد يصلح كثير منها لهذا الموضوع.
ومن ذلك والمذكور غير اسم الإشارة قول إبراهيم بن أدهم: "من الوافر"
إلهي عبدك العاصي أتاك ... مقرا بالذنوب وقد دعاك
فإن تغفر فأنت لذاك أهل ... وإن تطرد فمن يرحم سواك
قال عبدك، وهو يريد نفسه، وكان الظاهر أن يقول: أنا أتيتك، ولكن آثر قوله: عبدك؛ لأن في كلمة عبد معنى التذلل والخضوع، ثم في هذه الإضافة ما يرشح الرجاء؛ لأن فيه أنني عبدك الذي هو مضاف إليك، وكل هذا مما يحسن به سياق
الضراعة والدعاء.
وقوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [1]، قال: {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} ، وقد تقدم ذكرهم؛ لأن في هذه الصلة ما يشير إلى استحقاقهم العذاب
النازل عليهم، وفيه أيضا زيادة تقرير أنهم ظالمون، وهذا الأسلوب يرد في القرآن كثيرا، ووراءه إشارات مستحسنة، انظر إلى قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ [1] البقرة: 59.
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 245