اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 194
والصلة كما يقرر النحاة يجب أن تكون معلومة للمخاطب؛ لأنها وسيلة تعريف فيلزم أن تكون معروفة كقولك: الذي كنا عندنا أمس رجل عالم، فإنه يلزم أن يكون المخاطب عالما بهذه الصلة، أو بقصتها كما قالوا، وتفيد الصلة معاني منها:
الإشارة إلى زيادة تقرير الغرض المسوق له الكلام كما في قوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ} [1]، والغرض المسوق له الكلام هو تقرير نزاهة سيدنا يوسف عليه السلام، وذكر امرأة العزيز بهذه الصلة المشيرة إلى كونه في بيتها مما يقرر هذا الغرض، فقد راودته امرأة هو في بيتها، وهي متمكنة منه في كل أوقاته من ليل ونهار، وتلح وتراود ولكنه عليه السلام استعصم، وهذه غاية النزاهة، عن الفحشاء، ولو قال: وراودته زليخا أو امرأة العزيز لم تجد شيئا من ذلك، ثم إن في ذكر الصلة هنا أيضا استهجان التصريح بالاسم المنسوب إليه هذا الفعل.
ومما هو بين في العدول إلى الصلة استهجانا لذكر ما دلت عليه الصلة قول حسان يخاطب أم المؤمنين رضي الله عنها، ويبرئ نفسه مما نسب إليه في حديث الإفك:
فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتموا ... فلا رفعت سوطي إلى أناملي
وقوله: "من الطويل"
فإن الذي قد قيل ليس بلائط ... ولكنه قول امرئ بي ماحل
وقوله: ليس بلائط، ليس بلازم ولا لاحق، والماحل: الذي يسعى بالنميمة، أراد حسان ألا يذكر اتهام عائشة في الإفك استهجانا لهذا القول واستبعادا له، فقال: الذي قد زعمتموا، كما قال في البيت الثاني: الذي قد قيل: ثم إن الصلة في التعبيرين مكنته من أن يشير في كل واحدة إشارة لطيفة ففي الأولى، قال: زعمتموا، فأشار إلى أنه زعم، وأنه ليس من [1] يوسف: 23.
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 194