responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 193
إلى كل من يتأتي منه الخطاب، وهذا يفيد الأسلوب مزية من حيث يشعر هذا العموم بأن الأمر جدير بأن يكون ذائعا، وأنه لا يختص بمخاطب دون مخاطب، تقول في حال التشهير بالعيب واللؤم: فلان لئيم، إن أكرمته أهانك، وإن أحسنت إليه أساء إليك، لا تريد مخاطبا معينا بل تريد أن أكرمه أي كرم، أو أحسن إلهي أي محسن قابل ذلك بالإساءة، وهذا كما ترى أدخل في باب التشهير والعيب، ووصفه بلؤم النفس وفساد الطبع، قال الخطيب: "أي أن سوء معاملته غير مختصة بواحد دون واحد"، وقد تجد هذا الأسلوب واردا في سياق الثناء والتنويه، ومن أحسن ما جاء في ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بشر المشائين إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة"، فإن المراد بالأمر هنا ليس مخاطبا معينا، وإنما كل من يتأتي منه التبشير، وكأن النبي الكريم يشير إلى أن كل من يصح منه التبشير يجب أن يكون مبشرًا لهؤلاء المشائين إلى المساجد بالنور التام، وفي ذلك نهاية التكريم، وغاية الرضا.
وقد ذكر البلاغيون من شواهد هذه الخصوصية، أعني عموم الخطاب، قول تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [1]، المراد بالخطاب هنا كل من تأتي منه الرؤية، وذلك للإشارة إلى أن هذه الصورة المتناهية في الفظاعة تناهت أيضا في الظهور، فلا تختص بها رؤية راء بل كل من تتأتى منه الرؤية داخل في هذا الخطاب، وفيه إشارة أيضا إلى الرغبة في تعميق هذه الصورة الفظيعة المنكرة في وجدان كل راء لتكون زجرا بليغا للناس جميعا.. وعليك أن تجتهد في أن تقيم في نفسك هذا الموقف كما تصفه الآية.. المجرمون في كل جيل من أجيال البشرية مجتمعون جميعا، وقد وقفوا ناكسي رءوسهم خضوعا، وذلا في حضرة ذي الجبروت الذي عاشوا يتبجحون بإنكاره.
والمهم في أنواع التعريف، التعريف بالصلة؛ لأنه تكثر إشاراته.

[1] السجدة: 12.
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى    الجزء : 1  صفحة : 193
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست