اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 162
والعسيب اليماني هو سعف النخل الذي جرد عن خوصه، وإضافته إلى اليمن؛ لأن أهل اليمن كانوا يكتبون فيه عهودهم، وهند والرباب، وفرتني أسماء صواحباته، وقد ذكر فرتني هذه في شعر آخر، قال: "من الكامل"
دار لهند والرباب وفرتني ... ولميس قبل حوادث الأيام
والنعف ما انحدر من الجبل وارتفع عن الوادي، وبدلان بلد باليمن.
ذكر الشاعر أنه أبصر الطلل فأحزنه وشجاه، ثم شبهه بخط كتاب في سعف نخلة، ثم استأنف ذكر الطلل مرة ثانية استئنافًا قص فيه معنى جديدًا عرف فيه الطلل وذكر لهوه فيه، وهذا الاسئناف مبني كما ترى على حذف المسند إليه؛ لأن التقدير هي ديار أو تلك ديار.
ومثله وقوله أيضا: "من الطويل"
ألا عم صباحا أيها الطلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي
وهل يعمن إلا سعيد مخلد ... قليل الهموم ما يبيت بأوجال
وهل يعمن من كان أحدث عهده ... ثلاثين شهًرا في ثلاثة أحوال
ديار لسلمى عافيات بذي خال ... ألح عليها كل أسحم هطال
قوله: وهل يعمن استفهام بمعنى النفي، أي كيف ينعم وقد تفرق عنه ساكنوه، فهو في شجن الفقد والضياع، وبعد توالي هذه الاستفهامات ذات الأثر في قوة المعنى وشدة تأثره، قال: ديار لسلمى، فذكر معنى جديدًا عرف فيه الطلل، وأنه ديار سلمى، وحدد موضعه وما يعانيه من إلحاح المطر الهطال الذي يذهب بآثار الأحبة، وقد بنى الأسلوب في هذا المعنى على حذف المسند إليه.
وقد ذكر عبد القاهر في هذا ما ذكره سيبويه من قول الشاعر: "من البسيط"
اعتاد قلبك من ليلى عوائده ... وهاج أهواءك المكنونة الطلل
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 162