اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 158
خذ لذلك قوله تعالى: في حكاية قصة سيدنا يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز لما استبقا الباب، وسيدنا يوسف عليه السلام يجتهد في الهرب من شيطانها، وألفيا زوجها لدى الباب، وكان ما كان من مشهد الحوار العجيب في نوعه، وانفعالاته بين يوسف والعزيز والمرأة، قال العزيز: لما أيقن بحجة سيدنا يوسف وصدق براءته، وأيقن بتهمة زوجته، قال: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} [1]، وأراد بقوله: يوسف أعرض عن هذا، اكتم هذا الأمر ولا تتحدث به صيانة لعرضنا وشرفنا في قومنا، ثم قال لامرأته: "استغفري لذنبك"، وكان رجلا حليما، وقيل: كان قليل الغيرة، والشاهد حذف حرف النداء، وله هنا رمز لطيف، وكأنه يهمس بهذا الخبر في أاذن يوسف محاذرًا أن يسمعه أحد، ثم فيه تقريب، وملاطفة ليوسف عليه السلام، وإيماء خفي بأن الخبر كله يجب أن يضمر في السرائر، وألا يجري به لسان، وكان المجتمع المصري في فجر التاريخ مجتمع سيادة وشرف وثراء وملك ونعمة، وقيم وأخلاق، وكل هذا تراه في هذه السورة التي هي كنز مصر القديم، ولاحظ أن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، وكان بينه وبين نوح أسماء معدودة، ونوح هو آدم الثاني؛ لأنه لم يبق من ولد آدم بعد الطوفان إلا من كان من نصله، وهذا مرادنا بفجر التاريخ، ثم تأمل حال البلاد الآن، وكيف حال حالها في يد العصابات، وقطاع الطرق وعد إل حذف جزء الكلمة.
ومن لطيف ذلك قول الحارث الجرمي يخاطب زوجته، وكانت تحثه على أخذ ثأر أخيه من قومه، قال في أبيات حزينة جاشية: "من الكامل"
قومي هم قتلوا أميم أخي ... فإذا رميت يصيبني سهمي
قوله: أميم أصله يا أميمة، فحذف حرف الندء كما حذف آخر الكلمة للترخيم، [1] يوسف: 29.
اسم الکتاب : خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني المؤلف : محمد محمد أبو موسى الجزء : 1 صفحة : 158