اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 387
ومن مخترعاته أيضًا في الهلال:
قد انقضت دولة الصيام وقد ... بشر سقم الهلال بالعيد
يتلو الثريا كفاغر شره ... يفتح فاه لأكل عنقود1
ومثله قوله فيه:
وجاءني في قميص الليل مستترًا ... يستعجل الخطر من خوف ومن حذر
ولاح ضوء هلال كاد يفضحنا ... مثل القلامة قد قدت من الظفر2
هذا التشبيه، ذكروا أنه من مخترعات ابن المعتز: ولكن زاده القاضي الفاضل بهجة، ونقله من الأعلى إلى الأدنى، فإنّ رتبة الهلال وعلوها في التشبيه على قلامة الظفر ما برحت مقررة في الخواطر، إلى أن نقلها القاضي الفاضل، بطريق بديعية اقتضتها الحال، وهي قوله مبالغًا في وصف قلعة نجم بالعلو:
وأما قلعة نجم، فهي نجم في سحاب، وعقاب في عقاب، وهامة لها الغمامة عمامة، وأنملة إذا خضبها الأصيل، كان الهلال لها قلامة. فخضاب الأصيل لهذه الأنملة، حسن أن يكون الهلال لها قلامة، وهذي غاية فاضلية، لا تدرك، وقد وصلوا في تشبيه الهلال إلى السبعين، ولكن ما أوردت هنا إلا أبلغ ما وقع في تشبيهه. وبيعجبني من التشابيه البليغة، في هذا الباب، قول ابن طباطبا:
أما والثريا والهلال جلتهما ... لي الشمس إذ ودعت كرهًا نهارها
كأسماء إذ زارت عشاء وغادرت ... دلالًا لدينا قرطها وسوارها3
ومثله في الحسن والغرابة، قول أبي نواس:
ويمين الجوزاء تبسيط باعًا ... لعناق الدجى بغير بنان
وكأن النجوم أحداق روم ... ركبت في محاجر السودان
ومثله قول القائل:
كأن نجوم الليل مزهرة لنا ... ثغور بني حام بدت للتثاؤب
1 الفاغر: الذي يفتح فاه وهو خال من الطعام.
2 القلامة: القطعة من الظفر بعد قصه.
3 القرط: ما يعلق في الأذن من الحلي "الحلق" والسوار: ما يحيط بالمعصم من الحلي.
اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 387