اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 341
ولم يزل هائمًا في طريقه الغرامية، إلى أن قال:
وها أنا ذا كالطيف فيها صبابة ... لعلي إذا نامت بليل أزورها
هذا المعنى قلبه الصاحب بهاء الدين زهير على من تقدمه فيه، وسبكه في أغرب القوالب البديعية، وأظنه من مخترعاته. ثم قال بعده:
من الغيد لم توقد مع الليل نارها ... ولكنها بين الضلوع تثيرها
تقاضى غريم الشوق مني حشاشة ... مروعة لم يبق إلا يسيرها
وإن الذي أبقته منها يد الهوى ... فداء يشير يوم وافى نصيرها
هذا المخلص استبعد الصاحب بهاء الدين زهيرًا رقيق ألفاظه، بحشمة توريتة. ومثله في الحسن قوله من قصيدة يمدح بها الملك الناصر صلاح الدين بن العزيز مطلعها:
عرف الحبيب بمكانه فتدللا ... وقنعت منه بموعد فتعللا
وما أظرف ما قال بعده:
وأرى الرسول ولم أجد في وجهه ... بشرًا كما قد كنت أعهد أولا
ولم يزل يدير كاسات صباباته الغرامية إلى أن قال:
آها لقلب ما خلا من لوعة ... أبدًا يحن إلى زمان قد خلا
ورسوم جسم كان يحرقه الهوى ... لو لم تبادره الدموع لأشعلا
ولقد كتمت حديثه وحفظته ... فوجدت دمعي قد رواه مسلسلا1
أهوى التذلل في الغرام وإنما ... يأبى صلاح الدين أن أتذللا
وما أحلى ما قال بعد المخلص:
مهدت بالغزل الرقيق لمدحه ... وأردت قبل الفرض أن أتنفلا2
ويعجبني أيضًا من مخالص القاضي كمال الدين بن نبيه قوله من قصيدة يمدح بها الخليفة الناصر لدين الله مطلعها:
باكر صبوحك أهنى العيش باكره ... فقد ترنم فوق الأيك طائره3
1 رواه: حكاه. أو من الري والسقاية.
2 أتنفل: أصلي النوافل وهي من الصلاة غير الواجبة.
3 الأيك: واحدته أيكة وهي الشجر الكثيف الملتف.
اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 341