اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 104
ما أحسن ما خرج من الرثاء إلى الهجو، في حميد بن قحطبة، والقرابة التي بينه[1] وبين ابن حميد أنهما كانا طائيين، ومنه قول الحسين بن علي القمي:
جاورت أجيالًا كأن صخورها ... وجنات نجم ذي الحياء البارد
والشوك يفعل في ثيابي مثل ما ... فعل الهجاء بعرض عبد الواحد
ومنه قول أبي محمد بن مكدم، وهو غاية في هذا الباب:
وليل كوجه البرقعيدي ظلمة ... وبرد أغانيه وطول قرونه2
قطعت فنومي عن جفوني مشرد ... كعقل سليمان بن فهد ودينه
بذي أونق فيه اعوجاج كأنه ... أبو جابر في خبطه وجنونه3
إلى أن بدا ضوء الصباح كأنه ... سنا وجه قرواش ونور جبينه
فانظر إلى قوة الاستطراد من وصف حاله مع الليل، إلى هجاء الثلاثة ومدح قرواش.
ومنه:
إذا ما اتقى الله الفتى وأطاعه ... فليس به باس وإن كان من جرم
انظر ما أبلغ ما خرج من الوعظ إلى الهجو المؤلم، في قبيلة جرم.
ومثله:
وشادن بالدلال عاتبني ... وا ميتتي من تدلل العاتب4
فكان ردي عليه من خجل ... أبرد من شعر خالد الكاتب
ومنه قول ابن المعتز:
ولقد شربت مدامة كرخية ... مع ماجد طلق اليدين حميد5
عليت بماء براد فكأنما ... عليت ببرد قصيدة ابن سعيد
ومثله قول بعضهم، يصف خمرًا طبخت حتى راقت وصفت:
لم يبق منها وقود الطابخين لها ... إلا كما أبقت الأنواء من داري6 [1] التي بين أبي تمام وابن حميد بن قحطبة.
2 البرقعيدي: أحد المغنين.
3 أولُق: جمع مفردها ولق وهو الإسراع في الشيء.
4 الشادن: الغزال.
5 كرخية: نسبة إلى الكرخ المدينة العراقية المشهورة بخمرتها الجيدة - طلق اليدين: كريم.
6 الأنواء: الرياح العاتية.
اسم الکتاب : خزانة الأدب وغاية الأرب المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 104