اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 460
يوما في منتزه له يأكل مع ندمائه فرأى سائلا وعليه ثوب خلق، فوضع يده في رغيف ودجاجة وقطعة لحم وفالوذج وأمر بعض الغلمان بمناولته فأخذ ذلك الغلام وذهب به إلى السائل ورجع، فذكر أنه ما هش له ولا بش، فقال ابن طولون للغلام: ائتني به فأحضره بين يديه فاستنطقه فأحسن الجواب، ولم يضطرب من هيبته، فقال له أحضر لي الكتب التي معك، وأصدقني عمن بعث بك، فقد صح عندي أنك صاحب خبر، وأحضر السياط فاعترف له بذلك. فقال بعض من حضر هذا: والله السحر. فقال أحمد: ما هو بسحر ولكنه قياس صحيح وفراسة، وذلك أني لما رأيت سوء حاله وجهت إليه بطعام يشره إلى أكله الشبعان، فما هش ولا بش ولا مد يده إليه، فأحضرته وخاطبته فتلقاني بقوة جأش وجواب حاضر. فلما رأيت رثاثة حاله، وقوة جأشه، وسرعة جوابه، علمت أنه صاحب خبر انتهى. وقال ابن خلكان في ترجمته «1» : كان أبو العباس أحمد بن طولون صاحب الديار المصرية والشامية والثغور، ملكا عادلا شجاعا متواضعا، حسن السيرة، يحب أهل العلم، كريما له مائدة يحضرها الخاص والعام، كثير الصدقة. نقل أنه قال له وكيله يوما إن امرأة تأتيني وعليها الازار الرفيع، وفي يدها الخاتم الذهب، فتطلب مني أفأعطيها؟ فقال: من مد يده إليك فأعطه. وكان يحفظ القرآن، ورزق حسن الصوت فيه، وكان مع ذلك طائش السيف سفاك الدماء. قيل إنه أحصى من قتله صبرا ومن مات في حبسه فكان ثمانية عشر ألفا توفي سنة سبعين ومائتين بزلق الأمعاء. ويقال إن طولون تبناه ولم يكن ابنه. وروي أن رجلا كان يواظب القراءة على قبره، فرآه ذات ليلة في المنام، فقال: أحب منك أن لا تقرأ علي! قال: ولم؟ قال: لأنه لا تمر بي آية إلا قرعت بها، ويقال لي أما سمعت هذه أما مرت بك هذه؟ اهـ وروى الإمام الحافظ ابن عساكر في تاريخه أن سليمان بن عبد الملك رحمه الله تعالى، كان نهما في الأكل، وقد نقل عنه فيه أشياء غريبة، فمنها أنه اصطبح في بعض الأيام بأربعين دجاجة مشوية، وأربعين بيضة، وأربع وثمانين كلوة بشحمها، وثمانين جردقة، ثم أكل مع الناس على السماط العام. ومنها أنه دخل ذات يوم بستانا له، وكان قد أمر قيمه أن يجني ثماره ويستطيب له، وكان معه أصحابه، فأكل القوم حتى أكتفوا واستمر هو يأكل فأكل أكلا ذريعا، ثم استدعى بشاة مشوية فأكلها، ثم أقبل على الفاكهة فأكل أكلا ذريعا، ثم أتى بدجاحتين مشويتين فأكلهما، ثم مال إلى الفاكهة فأكل أكلا ذريعا، ثم أتى بقعب يقعد فيه الرجل مملوء سمنا وسويقا وسكرا فأكله أجمع، ثم سار إلى دار الخلافة، وأتى بالسماط فما نقص من أكله شيء. ومنها أنه حج فأتى الطائف فأكل سبعمائة رمانة وخروفا وست دجاجات، وأتى بمكوك زبيب طائفي فأكله أجمع. وقيل إنه كان له بستان فجاء رجل ليضمنه ودفع له قدرا من المال، فاستؤذن في ذلك فدخل البستان لينظره وجعل يأكل من ثماره، ثم أذن في ضمانه فلما قيل للضامن أحمل المال، قال: كان ذلك قبل ان يدخله أمير المؤمنين. قيل كان سبب مرضه أنه أكل أربعمائة بيضة، وثمانمائة حبة تين، وأربعمائة كلوة بشحمها، وعشرين دجاجة فحم، وفشت الحمى في عسكره، وكان موته بالتخمة رحمة الله تعالى عليه في مرج دابق. فائدة:
ذكر بعض العلماء أن من أكل كثيرا وخاف على نفسه من التخمة، فليمسح على
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 460