اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 461
بطنه بيده، وليقل: الليلة ليلة عيدي يا كرشي ورضي الله عن سيدي أبي عبد الله القرشي. يفعل ذلك ثلاثا، فإنه لا يضره الأكل وهو عجيب مجرب.
وقد روينا بأسانيد شتى من طرق مختلفة، أن امرأة جاءت بولدها إلى سيدي الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله روحه، وقالت: إني رأيت قلب ابني هذا شديد التعلق بك، وقد خرجت عن حقي فيه لله عز وجل ولك، فاقبله فقبله الشيخ، وأمره بالمجاهدة وسلوك الطريق، فدخلت عليه أمه يوما، فوجدته نحيلا مصفرا من آثار الجوع والسهر، ووجدته يأكل قرصا من الشعير، فدخلت إلى الشيخ فوجدت بين يديه إناء فيه عظام دجاجة مسلوقة، قد أكلها فقالت:
يا سيدي تأكل لحم الدجاج ويأكل ابني خبز الشعير، فوضع الشيخ يده على تلك العظام، وقال:
قومي بإذن الله تعالى الذي يحيى العظام وهي رميم، فقامت دجاجة سوية وصاحت، فقال الشيخ: إذا صار ابنك هكذا فليأكل ما شاء. وذكر ابن خلكان أيضا في ترجمة «1» الهيثم بن عدي أن رجلا من الأولين كان يأكل وبين يديه دجاجة مشوية، فجاءه سائل فرده خائبا، وكان الرجل مترفا فوقع بينه وبين امرأته فرقة، وذهب ماله وتزوجت امرأته، فبينما الزوج الثاني يأكل وبين يديه دجاجة مشوية إذ جاءه سائل، فقال لامرأته: ناوليه الدجاجة فناولته، ونظرت إليه فإذا هو زوجها الأول. فأخبرت زوجها الثاني بالقصة فقال الزوج الثاني: وأنا والله ذلك المسكين الأول، خولني الله نعمته وأهله لقلة شكره. وقال الهيثم: خرجت في سفر على ناقة، فأمسيت عند خيمة اعرابي، فنزلت. فقالت ربة الخباء: من أنت؟ فقلت: ضيف. قالت: وما يصنع الضيف عندنا إن الصحراء لواسعة؟ ثم قامت إلى بر فطحنته وعجنته وخبزته، ثم قعدت تأكل، فلم ألبث أن جاء زوجها ومعه لبن، فسلم ثم قال: من الرجل؟ قلت: ضيف. قال: أهلا وسهلا حياك الله، وملأ قعبا من لبن وسقاني. ثم قال: ما أراك أكلت شيئا! وما أراها أطعمتك! فقلت: لا والله.
فدخل عليها مغضبا، وقال: ويلك أكلت وتركت الضيف؟ قالت: وما أصنع به أطعمه طعامي؟
وزاد بينهما الكلام، فضربها حتى شجها، ثم أخذ شفرة وخرج إلى ناقتي فنحرها، فقلت: ما صنعت عافاك الله؟ فقال: والله لا يبيت ضيفي جائعا، ثم جمع حطبا، وأجج نارا وأقبل يشوي ويطعمني، ويأكل ويلقي إليها، ويقول: كلي لا أطعمك الله! حتى إذا أصبح تركني ومضى، فقعدت مغموما، فلما تعالى النهار، أقبل ومعه بعير ما يسأم الناظر من النظر إليه، وقال: هذا مكان ناقتك ثم زودني من ذلك اللحم ومما حضره. وخرجت من عنده فضمني الليل إلى خيمة أعرابي، فسلمت فردت صاحبة الخباء علي السلام، وقالت: من الرجل؟ قلت: ضيف. فقالت:
مرحبا بك حياك الله وعافاك، فنزلت ثم عمدت إلى بر فطحنته وعجنته وخبزته، ثم روت ذلك بالزبد واللبن ووضعته بين يدي، ومعه دجاجة مشوية، وقالت: كل واعذر، فلم البث إذ أقبل أعرابي كريه المنظر، فسلم فرددت عليه السلام، فقال: من الرجل؟ قلت: ضيف. قال: وما يصنع الضيف عندنا؟ ثم دخل إلى أهله وقال: أين طعامي؟ قالت: أطعمته للضيف. فقال:
أتطعمين طعامي للأضياف؟ ثم تكالما فضربها فشجها، فجعلت أضحك فخرج إليّ وقال: ما يضحكك؟ فأخبرته بقصة الرجل والمرأة اللذين نزلت عندهما قبله، فاقبل علي وقال: إن هذه
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبرى المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 461