اسم الکتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة المؤلف : أحمد زكي صفوت الجزء : 1 صفحة : 407
وأيديا كثفنات[1] الإبل، وعليهم قمص مرحضة[2] وهم مشمرون. قالوا: ما جاء بك يابن عباس؟ قال: جئتكم من عند صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه، وأعلمنا بربه وسنة نبيه، ومن عند المهاجرين والأنصار، فقالوا: إنا أتينا عظيما حين حكمنا الرجال في دين الله، فإن تاب كما تبنا، ونهض لمجاهدة عدونا رجعنا، فقال ابن عباس: نشدتكم الله إلا ما صدقتم أنفسكم. أما علمتم أن الله أمركم بتحكيم الرجال في أرنب تساوي ربع درهم تصاد في الحرم، وفي شقاق امرأة ورجلها، فقالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم الله هل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عن القتال، للهدنة بينه وبين الحديبية[3]، قالوا: نعم ولكن عليًّا محا نفسه من خلافة المسلمين، قال ابن عباس: أذلك يزيلها عنه؟ وقد محا رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه من النبوة، قال سهيل[4] بن عمرو: لو علمت أنك رسول الله ما حاربتك، فقال للكاتب[5]: اكتب محمد بن عبد الله وقد أخذ على الحكمين أن لا يجورا، فعلي أولى من معاوية وغيره، قالوا: إن معاوية يدعي مثل دعوى علي، قال: فأيهما رأيتموه أولى فولوه، قالوا: صدقت، قال ابن عباس: ومتى جار الحكمان فلا طاعة لهما، ولا قبول لقولهما".
فاتبعه منهم ألفان وبقي أربعة آلاف، فلم يزالوا على ذلك حتى اجتمعوا على البيعة لعبد الله بن وهب الراسبي.
"العقد الفريد [1]: 212". [1] ثفنة البعير: ركبته. [2] قمص جمع قميص، ورحض الثوب: غسله. [3] أي وبين أهل الحديبية. والحديبية بئر قرب مكة، وكانت غزوة الحديبية سنة ست هجرية. [4] النائب عن قريش في عقد الصلح مع المسلمين. [5] وكان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
اسم الکتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة المؤلف : أحمد زكي صفوت الجزء : 1 صفحة : 407