اسم الکتاب : ثمرات الأوراق في المحاضرات المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 121
أهدت من مخلقها وهي غادية رائحة، وكم حنت إليها الجوارح وهي أدام الله اطلاقها غير جارحة، وكم أدارت من كؤوس السجع ما هو أرق من قهوة الانشا، وأبهج على زهر المنثور من صبيح الأعشا، وكم عامت بحور الفضا ولم تحفل بموج الجبال، وكم جاءت ببشارة وخضبت الكف ورمت من تلك الأنملة قلامة الهلال، وكم زاحمت النجوم بالمناكب حتى ظفرت بكف الخضيب، وانحدرت كأنها دمعة سقطت على خد الشفق لأمر مريب، وكم لمع في أصيل الشمس خضاب كفها الوضاح، فصارت بسموها وفرط البهجة كمشكاة فيها مصباح، والله تعالى يديم بأفنان أبوابه العالية ألحان السواجع، ولا برح تغريدها مطربا بين البادي والراجع، انتهى.
وذكر ضياء الدين أبو الفتح نصر الله المعروف بابن الأثير الجزري في كتابه المسمى بالوشي المرقوم في حل المنظوم قال حدثني الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني بمدينة دمشق سنة 588 ثمان وثمانين وخمسمائة وكان إذ ذاك كاتب الدولة الصلاحية أن فن الانشاء لا تخلو منه رأس مكانا أو بيانا وكل من أنشأ أقام لسلطانه بانشائه سلطانا وكان من العادة أن كلا من أرباب البيوت إذا نشأ له ولد أحضره إلى ديوان المكاتبات ليتعلم فن الكتابة ويتدرب ويسمع فأرسلني والدي وكان إذ ذاك قاضيا بثغر عسقلان إلى الديار المصرية في أيام الحافظ العبيدي وهو أحد خلفائها فدخلت يدون المكاتبات وكان الذي يرأس به في تلك الأيام وهو صاحب الإنشاء
اسم الکتاب : ثمرات الأوراق في المحاضرات المؤلف : الحموي، ابن حجة الجزء : 1 صفحة : 121