اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 306
أحد العوامل التي هيأت لظهور هذا "الاتجاه الابتداعي العاطفي"، وكان أكثر المستفيدين من الشعر المهجري، هؤلاء الشعراء الابتداعيين العاطفيين الذين لم يتح لهم -حينذا- الاتصال المباشر بالشعر "الرومانتيكي" الغربي.
وربما كان الشعر المترجم الذي كان ينشره العقاد وشكري والمازني وغيرهم، عاملًا مشابهًا لهذا العامل، من حيث التأثير على طائفة من شعراء الشباب الذين تطلعوا إلى الابتداع، وفاضوا بالعاطفة، وآثروا هذا الاتجاه الشعري الثالث، دون اتصال مباشر بروافد ثقافية أجنبية، بل اعتمدوا -إلى درجة كبيرة- على الشعر المترجم عن "الرومانتيكيين"، كما اعتمدوا على شعر المهجر المشبه بدوره لشعر هؤلاء "الرومانتيكيين".
بقي عامل رابع من أهم العوامل التي شاركت في إظهار هذا الاتجاه بطابعه الابتداعي المنطلق، ونزعته الفردية الثائرة، ثم بسمته العاطفي الحزين، ونظرته الدامعة الساخطة، وهذا العامل ليس عاملًا فنيًا أو ثقافيًا كالعوامل السابقة، وإنما هو عامل اجتماعي، فقد سيطر على تلك الفترة التي يساق عنها الحديث، شعور جارف باستقلال الشخصية المصرية، وإحساس غامر بالحرية الفردية، وتشبع مستغرق بروح الثورة، وذلك لما تقدم من عوامل، كان في مقدمتها روح ثورة سنة 1919، ومشاركة كل القوى الوطنية فيها، ثم فوزها بإنهاء حماية بريطانيا، وإعلان الاستقلال، وصدور الدستور، وفتح البرلمان، وتأكيد ضمان الحريات[1]، وإلى هذا العامل الأول يرد ما كان عند أصحاب هذا الاتجاه من شعور بالشخصية، وإحساس بالفردية وتشبع بروح الثورة ... ثم شهدت تلك السنوات التي [1] اقرأ المقال رقم 2 من المقالات الممهدة لدراسة الأدب في هذا الفصل.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 306