responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل    الجزء : 1  صفحة : 208
الصالحين، فحولت نظري عنه، فإذا بي أرى في الغرفة شابا لا أدري من أين دخل علينا، ولعل انشغالي برؤية الأستاذ منعني أن أرى الشاب ساعة دخوله.
"نظرت إلى الفتى، وتبادر إلى ذهني أنه طالب ريفي انتهى من تأدية امتحانه، وهو يعود إلى ضيعته ليقضي إجازته بين أهله وقومه، نظرت إلى الشاب كما نظر إلي، ثم أخرج من جيبه رواية من روايات مسامرات الشعب وهم بالقراءة، بعد أن حول نظره عني وعن الأستاذ، ونظرت إلى الساعة راجيًا أن يتحرك القطار قبل أن يوافينا مسافر رابع، فإذا بأفندي وضاح الطلعة حسن الهندام دخل غرفتنا، وهو يتبختر في مشيته، ويردد أنشودة طالما سمعتها من باعة الفجل والترمس، جلس الأفندي وهو يبتسم واضعًا رجلًا على رجل بعد أن أقرأنا السلام، فرددناه رد الغريب على الغريب.
"وساد السكون في الغرفة، والتلميذ يقرأ روايته، والأستاذ يسبح وهو غائب عن الوجود، والأفندي ينظر لملابسي طورًا وللمسافرين تارة أخرى، وأنا أقرأ وادي النيل، منتظرًا أن يتحرك القطار قبل أن يوافينا زائر خامس.
"مكثنا هنيهة لا نتكلم كأنا ننتظر قدوم أحد، فانفتح باب الغرفة، ودخل شيخ يبلغ الستين، أحمر الوجه براق العينين، يدل لون بشرته على أنه شركسي الأصل، وكان ممسكًا مظلة أكل عليها الدهر وشرب، أما حافة طربوشه فكانت تصل إلى أطراف أذنيه، وجلس أمامي وهو يتفرس في وجوه رفقائه المسافرين، كأنه يسألهم: من أين هم قادمون، وإلى أين هم ذاهبون، ثم سمعنا صفير القطار ينبئ الناس بالمسير، وتحرك القطار بعد قليل، يقل من فيه إلى حيث هم قاصدون.
"سافر القطار ونحن جلوس لا ننبس ببنت شفة، كأنما على رءوسنا الطير، حتى اتقرب من محطة شبرا، فإذا بالشركي يحملق في ثم قال موجهًا كلامه إلي:
- هل من أخبار جديدة يا أفندي؟

اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل    الجزء : 1  صفحة : 208
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست