responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل    الجزء : 1  صفحة : 163
سأقضي حياتي ثائر النفس هائجًا ... ومن أين لي عن ذاك هدى ومذهب
على قدر إحساس الرجال شقاؤهم ... وللسعد جو بالبلادة مشرب1
ومما يمثل هذا الطابع من شعر العقاد، قوله في قصيدة يصور فيها تجربة الظمأ الروحي، والسأم النفسي، والحيرة العقلية، واليقضة الشعورية، والعجز المعذب عن نيل السعادة أو السلو عنها:
ظمآن ظمآن لا صوب الغمام ولا ... عذب المدامخ ولا الأنداء ترويني
حيران حيران لا نجم السماء ولا ... معالم الأرض في الغماء تهديني
يقظان يقظان لا طيب الرقاد يدا ... ويني، ولا سمر السمار يلهيني
غصان غصان لا الأوجاع تبليني ... ولا الكوارث والأشجان تبكيني
شعري دموعي وما بالشعر من عوض ... عن الدموع نفاها جفن محزون
يا سوء ما أبقت الدنيا لمغتبط ... على المدامع أجفان المساكين
هم أطلقوا الحزن فارتاحت جوانحهم ... وما استرحت بحزن في مدفون
أسوان أسوان لا طب الأساة ولا ... سحر الرقاة من اللأواء يشفيني
سأمان سأمان لا صفو الحياة ولا ... عجائب القدر المكنون تعنيني
أصاحب الدهر لا قلب فيسعدني ... على الزمان ولا خل فيأسوني
يديك فامح ضنى يا موت كبدي ... فلست تمحوه إلا حين تمحوني2
وكثير من شعر شكري يمثل هذا الطابع الذي رأيناه بوضوح في "حلم بالبعث".
وليس كل شعر أصحاب هذا الاتجاه آخذًا هذا المنحى الباكي، وليس كله مفعمًا بالعاطفة على هذا النحو؛ فلهم كثير من الشعر في مناح أخرى، تصل أحيانًا إلى حد السخرية والإضحاك، كما لهم كثير من الشعر لا تكاد تحس فيه إلا برودة الذهن وجفاف العقل، ولكن طابع النفس الإنسانية وقلقها وعدم

1 ديوان المازني ص42-44.
2 ديوان العقاد جـ2 ص154.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل    الجزء : 1  صفحة : 163
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست