اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 159
تظنون أن الأرض قد بسطت لكم ... ومن أجلكم تجري الغمام الروائم
وأن النجوم الزهر علقن زينة ... تقر بها الألحاظ وهي هوائم
فما لكم لا تنظمون نثيرها ... فيصبح منها حليكم والتمائم؟! 1
ثم يتحدث شكري عن فكرة البعث، وما يكتنفه من فزع وهول، ويتخذ من ذلك وسيلة لتصوير إحساسه بثقل الحياة وعبء العيش، حتى ليتمنى الموت الأبدي، ويكره البعث الذي يعود به إلى الحياة من جديد؛ وذلك لما يتصور في العودة إلى الحياة من تكرار لما فيها من آثام العيش، وسخافات الناس.. وفي ذلك يقول شكري من قصيدته "حلم بالبعث" التي اتخذ لها صورة الحكاية التي تقع أحداثها في حلم:
رأيت في النوم أني رهن مُظْلمة ... من المقابر ميتا حوله رِمَمُ
ناء عن الناس، لا صوت فيزعجني ... ولا طموح ولا حُلم ولا كلم
مطهر من عيوب العيش قاطبة ... فليس يطرقني هم ولا ألم
ولست أشقى لأمر لست أعرفه ... ولست أسعى لعيش شأنه العدم
فلا بكاء ولا ضحك ولا أمل ... ولا ضمير ولا بأس ولا ندم
والموت أطهر من خبث الحياة وإن ... راعت مظاهره الأجداث والظلم
مازلت في اللحد ميتًا ليس يلحقني ... نبح العدو وبي عن نبحه صمم
مرت علي قرون لست أحفظها ... عدا كأن مر بي الآباد والقدم
حتى بعثت على نفخ الملائك في ... أبواقهم وتنادت تلكم الرمم
وقام حولي من الأموات زعنفة ... هوجاء كالسيل جمٌّ لُجُّه عرم
فذاك يبحث عن عين له فقدت ... وتلك تعوزها الأصداغ واللمم
وذاك يمشي على رجل بلا قدم ... وذاك غضبان لا ساق ولا قدم
ورب غاضب رأس ليس صاحبه ... وصاحب الرأس يبكيه ويختصم
ويبحثون عن المرآة تخبرهم ... عن قبح مما تترك الأجداث والعدم
جاءت ملائكة باللحم تعرضه ... ليلبس اللحم من أضلاعنا الوَضَم
1 المصدر السابق ص 157.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 159