اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 157
الأفعال، ففي مجال الموضوعات، نجد أعلامه يبتعدون كثيرًا عن المجال الخارجي، النائي عن نفس الشاعر ووجدانه، فلا يقولون في المناسبات، ولا في السياسات ولا في الإصلاحيات، وإنما يهتمون كل الاهتمام بالعالم النفسي للشاعر، وما يتصل بهذا العالم من تأملات فكرية، ونظرات فلسفية، تهتم بحقائق الكون، وتفتش عن أسرار الوجود، وواضح أن ذلك كان رد فعل لتطرف المحافظين، وإسرافهم في الخوض بالشعر في شتى المناسبات، والمجاملات من مدح ورثاء وتهنئة، وما إلى ذلك.
ومن هنا يتحدث العقاد عن المعرفة، ويقرر أن نهايتها كالذرى الثلجية، يجمد عندها الوجود؛ حيث تتعرى الحقائق، وتختفي من الحياة حرارة الشوق إلى المجهول ... وفي ذلك يقول من قصيدة "القمة الباردة".
إذا ما ارتقيت رفيع الذرى ... فإياك والقمة البارده
هنالك لا الشمس دوارة ... ولا الأرض ناقصة زائده
ولا الحادثات وأطوارها ... مجددة الخلق أو بائده
ويا بؤس فإن يرى ما بدا ... من الكون بالنظرة الخالدة
فذلك رب بلا قدرة ... وحي له جثة هامده
إلى الغور، أما ثلوج الذرى ... فلا خير فيها ولا فائده1
ويتحدث كذلك عن الحياة، ويوضح أن فيها استمرارًا يذوب معه الأمس في اليوم، ويبقى الأب في الابن. وفي ذلك يقول من قصيدة "أمنا الأرض":
أسائل أمنَّا الأرضا ... سؤال الطفل للأم
فتخبرني بما أفضى ... إلى إدراكه علمي
1 ديوان العقاد ص206.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 157