اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 156
الشعرية ما قيل في تحليل عواطف النفس، ووصف حركاتها ... والشعر ما أشعرك وجعلك تحس عواطف النفس إحساسًا شديدًا، لا ما كان لغزًا أو خيالًا من خيالات معاقري الحشيش. فالمعاني الشعرية، هي خواطر المرء وآراؤه وتجاربه، وأحوال نفسه وعبارات عواطفه ... إن قيمة البيت في الصلة بين معناه، وبين موضوع القصيدة.. ومثل الشاعر الذي لا يعني بإعطاء وحدة القصيدة حقها، مثل النقاش الذي يجعل نصيب كل أجزاء الصورة التي ينقشها من الضوء نصيبًا واحدً1".
وليس يبعد بعد ذلك أن يكون مطران بما كتبه مبكرًا في المجلة المصرية سنة 1900، قد كان من عوامل التنبيه، التي حمست هؤلاء الشبان على ارتياد آفاق جديدة في الشعر ونقده، وإن كان من البعيد جدا أن يصل هذا التنبيه المحتمل إلى مستوى الأستاذيه أو الريادة؛ وذلك لما عرفنا من تمكن هؤلاء الشبان من أداة الاتصال بالينابيع الشعرية الجديدة في مصادرها الأصلية، ثم لما نعرف من انطوائية مطران ووضعه الحساس، كواحد من مهاجري الشام المسيحيين؛ الأمر الذي يصعب معه أن يكون إمامًا، أو رائدًا لمثل هؤلاء الشبان الثائرين الطامحين الغيورين.
هذا، وكما يعتبر شوقيس قمة الاتجاه المحافظ البياني، يعتبر العقاد قمة هذا الاتجاه التجديدي الذهني، فهو الذي حمل لواءه، في وفرة النتاج واستمراره، وتنوع جوانبه، وهو الذي ظل يكافح عن تقاليده أكثر من خمسين عامًا دون أن يلين أو يفتر، وهو الذي خلف تلاميذ يعتبرون امتداد هذا الاتجاه بعد عمده الثلاثة الأول[2].
ب- موضوعات هذا الاتجاه:
ظهر هذا الاتجاه التجديدي الذهبي، كرد فعل للاتجاه المحافظ البياني.
ولذا كان فيه عند أول ظهوره، شيء من المبالغة التي تصاحب عادة ردود
1 ديوان شكري ص360-367 "الديوان الكامل الذي صدر سنة 1960". [2] من أمثال: عبد الرحمن صدقي، ومحمود عماد، وطاهر الجبلاوي.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 156