اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 120
ويندد بالاحتلال في تلك الفترة التي كان فيها عباس على وفاق مع الوطنيين، ولم يكن بعد قد هادن المحتلين، ومن أشعار شوقي في تلك الفترة، قصيدته التي يهاجم فيها رياض باشا، على خطبته المشهورة، التي مدح فيها الإنجليز، وهي القصيدة التي يقول فيها:
خطبت فكنت خطبًا لا خطيبًا ... أضيف إلى مصائبنا الجسام
لهجت بالاحتلال وما أتاه ... وجرحك منه لو أحسست دام
أراعك مقتل من مصر دام ... فقمت تزيد سهماً في السهام1
ومن شعره في بعض أوقات الأمن وضمان السلامة، قصيدته في رحيل "كرومر" التي يقول فيها:
لما رحلت عن البلاد تشهدت ... فكأنك الداء العياء رحيلا
أنذرتنا رقًّا يدوم وذلة ... تبقى وحالًا لا ترى تحويلًا
أحسبت أن الله دونك قدرة ... لا يملك التغيير والتبديلا2
ولكنا نرى شوقي يسكت عن حادثة دنشواي، فلا يقول شعرًا فيها إلا بعد عام من مأساتها، وذلك حين يأمن مغبة القول، أو حين يأمن القصر سوء عاقبة الحديث، أي بعد أن ذهب "كرومر" الطاغية الشديد العداء لعباس؛ وجاء "غورست" المعتمد البريطاني المهادن المتساهل، فهنا نسمع شوقي يقول ميميته التي يتحدث فيها عن ضحايا دنشواي، ويطالب بالإفراج عن مسجونيهم، وفيها يقول:
مرت عليهم في اللحود أهلةٌ ... ومضى عليهم في القيود العام
كيف الأرامل فيك بعد رجالها ... وبأي حال أصبح الأيتام
"نيرون" لو أدركت حكم كرومر ... لعرفت كيف تنفذ الأحكام3
وليس من الممكن الاعتذار عن شوقي في سكوته عامًا عن الحديث عن مأساة دنشواي، مهما قيل: إنه كان لم يلهم شعرًا يومها، أو أنه كان خارج
1 الشوقيات جـ1 ص259.
2 المصدر السابق جـ1 ص209-210.
3 المصدر نفسه جـ1 ص301.
اسم الکتاب : تطور الأدب الحديث في مصر المؤلف : أحمد هيكل الجزء : 1 صفحة : 120