اسم الکتاب : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر المؤلف : ابن أبي الأصبع الجزء : 1 صفحة : 419
من معاني مقاصد الشعر دون غيره من المقاصد، ولهذا قيل: أشعر الناس امرؤ القيس إذا ركب، وزهير إذا رغب، والنابغة إذا رهب، وعنترة إذا كلب، والأعشى إذا طرب.
وإياك وتعقيد المعاني بسوء التركيب، واستعمال اللفظ الوحشي، فإن خير الكلام ما سبق معناه إلى القلب، قبل وصول جملته إلى السمع، فإن علي بن عيسى الرماني ذكر أن أسباب الإشكال ثلاثة وكلها تغير الكلام عن الأغلب، كالتقديم، والتأخير، وسلوك الطريق الأبعد، وإيقاع المشترك وقد جمع هذه الأسباب الثلاثة قول الفرزدق طويل:
وما مثله في الناس إلا مملك ... أبو أمه حي أبوه يقاربه
فإن الممدوح: إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي، خال هشام ابن عبد الملك، فأبو أم هشام بن عبد الملك وهو المملك أبو إبراهيم ابن هشام بن إسماعيل المخزومي، فجد المملك وهو المملك لأمه أبو الممدوح، فالممدوح على هذا خال المملك، وحاصل معنى هذا البيت: وما مثل هذا الممدوح إلا ابن أخته، وأما التقديم والتأخير مع قوله وما مثله البيت فإن صحته وما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملك أبو أمه أبوه، فلما قدم وأخر حصل التعقيد. وأما سلوك الطريق الأبعد، فقوله: أبو أمه أبوه، وكان يجزئه قوله: جده أبوه. وأما المشترك ففي قوله حي لصلاحية اللفظ لضد الميت، وللقبيلة. انتهى كلام الرماني.
اسم الکتاب : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر المؤلف : ابن أبي الأصبع الجزء : 1 صفحة : 419