اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 379
ولحاقه في إحكام الصنعة ببعض من سبقه، وغوصه على ما يستصفي ماءه ورونقه، وسلامة كثير من أشعاره من الخطل والزلل والدخل والنظام الفاحش الفاسد والكلام الجامد البارد والزحاف القبيح المستشنع، واللحن الظاهر المستبشع، وأشهد انه على درجة أمثاله غير نازل ولا واقع، وأعرف انه مليح الشعر غير مدافع " [1] . كل ما يريد العميدي أن ينكره ادعاه المدعين أن معانيه مخترعة لم يسبقه إليها شاعر، وهذا ادعاء واه، لان الذي يأتي به مطالب أن يعرف ما لدى الشعراء الآخرين من المعاني ويحيط علماً بدواوين الشعراء، وهو شيء لم يحاوله أنصار أبي الطيب ولا يستطيعونه لو حاولوه. أليس هذا هو المدخل نفسه الذي اعتمده ابن وكيع سبباً لكتابة " المنصف "؟ من هنا نرى أن البواعث تتكرر وان المحاولة تعاد مرة ثانية في مدة ربما لم تتجاوز ربع قرن من الزمان.
الحاتمي مسئول عن تهمة يتولى العميدي إثباتها
وجانب من هذا الموقف يعود دون ريب إلى الحاتمي، فهو مسئول عن ترويج قالة على المتنبي مؤداها أن المتنبي قال له في الرد عليه: " من أبو تمام والبحتري؟ ما اعلم أني سمعت بذكرهما إلا من هذه الحاضرة " [2] ثم قال له في مجلس آخر - وهو ينقض القول الأول - " تنكب عن هذا، فهل تجد لأبي تمامكم هذا أو بحتريكم معنى اخترعاه " [3] وهذا ما أثار ابن وكيع، اعني تهجم المتنبي على الطائيين، وذلك هو ما جعل العميدي يحاول توهينه عند نفسه وعند أصحابه: " ولولا أنه كان يجحد فضائل من تقدمه من الشعراء، وينكر حتى أسماءهم [1] الإبانة: 23 - 24. [2] الموضحة: 106. [3] الموضحة: 186.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 379