اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 371
نجد المرتضى يعد أن طريقته مخالفة للطريقة الصحيحة لأنه " يورد المعنى ثم يأخذ في شرحه في بيت آخر وإيضاحه وتشعيبه وتفريعه، فربما اخفق واكدى وربما أصاب فأصمى، لأن الشعر إنما تحمد فيه الإشارة والاختصار والإيماء إلى الأغراض وحذف فضول القول " [1] ، ويمكن القول بأن نقاد القرن الخامس قد أكدوا استكشاف ابن الرومي بعد أن نسيه الناس لانشغالهم بالحديث عن البحتري وأبي تمام والمتنبي [2] . وعلى الجملة تغلب أنصار نظرية الائتلاف بين اللفظ والمعنى، وفي ظل فكرة الإعجاز دفع عبد القاهر بنظرية الائتلاف إلى نهايتها تحت اسم " النظم ".
استقواء التيار الأخلاقي
ونجم عن اللامسئولية العابثة في ميدان الشعر استقواء تيار أخلاقي في النقد، وبخاصة حيث اقترن الشعر بالفقه أو اقترن بالفلسفة الأفلاطونية في الأندلس. وفي مثل هذا الجو النقدي يتجلى لنا أن محاولة ابن سينا في توضيح " كتاب الشعر " لأرسطو، ما كان في إمكانها أن تثير شيئاً جديداً، حتى ولو فهمت آراء ارسطو فهماً مقارباً للأصل؛ لقد كان يمكن لابن حزم الأندلسي أن يفيد من هذا الكتاب، لو وصله أو لم فهمه، ولكن يبدو انه لم ير هذا الكتاب، أو انه رآه فاستبعد انطباقه على الشعر العربي.
اتساع المجال الجغرافي في نقد القرن الخامس
وأياً كان الأمر فإن الناظر إلى النقد الأدبي في القرن الخامس يجد ان المجال الجغرافي أمامه قد اتسع، غذ شاركت فيه الأندلس والقيروان بنصيب؛ وأنه شهد قالباً قد نعده جديداً - إذا استثنينا المقامة الجاحظية للبديع - وهذا هو " المقامة النقدية " - وهي شكل يدل على الضيق بالتحليل ويحاول إيجاز النظرات العامة وترسيخها في نفوس الدارسين؛ ولا ريب في أن بعض [1] الشهاب: 39. [2] قد اعتنى الخالديان بشعر ابن الرومي واختيراه في القرن الرابع.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 371