اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 370
تسرق، وزاد قوله إنه يجب ألا يحكم الناقد لمعنى من المعاني بالسبق والتفرد لأنه لا يأمن أن يكون هذا المعنى قد ورد في شعر لم يبلغه " فإن الخواطر لا تضبط ولا تحصر، ومن ذا الذي يحيط علماً بكل ما قيل وسط وذكر " [1] .
وإذ نجد نقاداً مثل ابن شرف يلتمسون كل وسيلة لإلصاق الخطأ بالشاعر نجد الشريف المرتضى ميالاً إلى التساهل لان الشاعر لا يبني كلامه على التحقيق والتحديد " وكلام القوم مبني على التجوز والتوسع والإشارات الخفية والإيماء على المعاني تارة من بعد وتارة من قرب، لأنهم لم يخاطبوا بشعرهم الفلاسفة وأصحاب المنطق، وإنما خاطبوا من يعرف أوضاعهم ويفهم أغراضهم " [2] .
الاختلاف حول مشكلة اللفظ والمعنى
ومع أن اكثر نقاد القرن الخامس يميلون إلى التوفيق بين اللفظ والمعنى فإنك تجدهم في حيرة شديدة من أمرهم لأنهم لم يهتدوا إلى قاعدة صحيحة تنجيهم من التردد، فالمرتضى يقول: " وحظ اللفظ في الشعر أقوى من حظ المعنى " [3] ، وأخوه الرضي يقول: " إن الألفاظ خدم للمعاني لأنها تعمل في تحسين معارضها وتنميق مطالعها " [4] ، والمرزوقي ينادي بائتلافهما، وابن رشيق يدرك انقسام الناس حولهما، ثم تجده يقول: " وأما ابن الرومي فأولى الناس باسم شاعر لكثرة اختراعه وحسن افتنانه " [5] ، حتى إذا أخذ في النقد كان ميله إلى ناحية الشكل أظهر؛ ويمثل ابن الرومي مشكلة يتباين حولها الرأي، فبينا يعتبر ابن رشيق من المعجبين به لكثرة اختراعه [1] طيف الخيال: 89. [2] أمالي المرتضى 2: 95. [3] الشهاب: 79. [4] التلخيص: 244. [5] العمدة 1: 194.
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 370