اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 339
الوقفة المعهودة أمام الرائع في أدب المخلوقين يمكن أن تتكرر أمام المعجز
وإذا كانت منطقة " اللاتعليل " هي التي تقبل فيها شهادة الناقد العدل فمن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى نتيجتين: أولاً أن يقال لكل من يتصدى لإنكار الجمال في أثر ما - بعد ورود شهادة الناقد - إنه جاهل لا يطمئن أحد إلى ذوقه وحكمه على المستوى النقدي؛ وثانياً أن يلح النقد إلحاحاً كلياً على التأثير الذي يتلقاه القارئ أو السامع من الأثر الفني، ويوضح فعل القول الجميل في النفوس. وهذا شيء طبيعي في كل محاولة لتعليل جمال ما يكسب الخلود في الأدب، وهي الوقفة التي وقفها لونجينوس مما سماه " الرائع " Sublime فإنه تحدث عن الهزة ekstasis التي يولدها هذا الأدب في النفوس، وذهب إلى أن الروعة إنما هي صدى روح عظيمة، وقد حاول لونجينوس - رغم ذلك - أن يضع للروعة مصادر خمسة هي: [1] القدرة على تكوين فكر عظيمة (2) العاطفة الجياشة (3) استخدام ضروب المجاز (4) استخدام الألفاظ الرفيعة (5) التأليف السامي الجليل [1] .
وواضح من هذه العناصر الخمسة أن الاثنين الأولين منها يتصلان اتصلاً وثيقاً بنفسية الشاعر بينا تتعلق الثلاثة الأخرى بالأثر الأدبي نفسه؛ فإذا نقلنا فكرة " الرائع " خطوة ابعد وسميناه " المعجز " - وخصصنا به القرآن - سقط العنصران الاولان، ولم يبق في مجال البحث إلا الثلاثة الأخرى؛ فإذا كشفنا عن مواطن الإعجاز فيها بي أن نتحدث عما يحدثه اجتماعها معاً في نفس القارئ أو السامع، فننتقل من مرحلة التعليل إلى مرحلة يتساوى فيها الناس في عجزهم عن التعليل. وعلى هذا المنهج - في خطوتيه المتعاقبتين - تمرس النقد الأدبي بفكرة الإعجاز. [1] 1 - A. H. Gilbert، Lilerary Critieism، Plato to Dryden pp. 146 - 198 (1940) .
اسم الکتاب : تاريخ النقد الأدبي عند العرب المؤلف : إحسان عباس الجزء : 1 صفحة : 339